- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هولاند يستعرض “فلسفته” في “التسلم والتسليم”

باريس ــ بسّام الطيارة
غداً يُنصّب فرنسوا هولاند رئيساً سادساً للجمهورية الخامسة. وغداً بعد حفل التسلم والتسليم، يعود نيكولا ساركوزي سلفاً ومواطناً عادياً. «أخبار بووم» تنشر تفاصيل حفل التسلم والتسليم ودقائق ما سوف يحصل بعد أن «يودع» هولاند ساركوزي من على درج الإليزيه لما لهذه التفاصيل من دلالات ومؤشرات للتغيرات التي تجترح فرنسا مع تولي اشتراكي للرئاسة، وهو أعلن ويعلن يومياً أنه سوف يكون «رئيساً عادياً»، وبالطبع لا يمكن إلا أن تكون «المقاربة حاضرة» بين ما كان ساركوزي يوم استلم الحكم وما سوف يكون هولاند.

هذه المقاربة ترسم خطاً بين «فرنسا الـ 51,60 % وبين فرنسا الـ 48,40% ». ويمكن إسقاطها أيضاً على السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وليس فقط على شخصيات الرئيسين السابق والحالي.

ويتبين من البرنامج، الذي حصلت عليه «أخبار بووم»، أن تلك الفوارق هي من فعل ساركوزي وليس العكس، إذ إن هولاند على سبيل المثال اختار أن ينزل جادة الشانزيليزيه في سيارة «سيتروين دي إس مكشوفة» كما كان الحال مع جميع الرؤساء الذين خلفوه، ما عدا ساركوزي الذي اختار «بيجو بلاتين دو لوكس». ساركوزي احتفل في مطعم «الفوكيت» الفاخر في الشانزيليزيه محاطاً بـ«خلاصة أثرياء فرنسا» قبل أن ينتقل إلى يخت «صديق مليونير» ليستريح عدة أيام قبل أن يعود ويقرر «زيادة راتب رئيس الجمهورية بنحو ٣٠ في المئة”.

هولاند قرر أن لا يبتعد بعد فوزه، فحافظ على نمط حياته في أيام الاسبوع، داوم على العمل في مركزه الانتخابي تحضيراً للاجتماعات الدولية المنتظرة في الأيام المقبلة (قمة الثمانية ثم قمة الأطلسي ثم قمة الـ٢٠). وكان يتناول طعامه في مطعم بسيط قرب المركز أو «يطلب ساندويشات» من الخارج. أما في نهاية الاسبوع فعاد إلى بلدته في منطقة «كوريز» وسط فرنسا (التي يتشارك زعامتها مع الرئيس السابق جاك شيراك الذي تقول الألسن إنه صوت للمرشح الاشتراكي). ومباشرة بعد التسلم والتسليم وبعد وضع إكليل على ضريح الجندي المجهول واستعراض الحرس الجمهوري، سوف يعود الرئيس الجديد لتناول الغداء في الإليزيه لأول مرة قبل أن يوقع أول قرار له بخفض راتبه ورواتب الوزراء بنسبة ٣٠ في المئة. وبعدها يقوم بزيارتين لهما دلالة كبيرة بالنسبة لما وعد بتنفيذه من برنامج، فسوف يضع إكليلاً على أقدام تمثال جول فيري (Jules Ferry) مؤسس «التعليم الرسمي المجاني  العلماني الإجباري»، وفي هذا إشارة إلى توجه معاكس لما قام به سلفه ساركوزي خلال السنوات الخمس الماضية بخصخصة الجامعات تحت تسمية «إدارة ذاتية»، وخفض عدد المعلمين والصفوف في التعليم الرسمي. أما الزيارة الثانية فهي لتكريم ماري كوري (Marie Curie)  مكتشفة الذرة ومؤسسة العلوم النووية التي تبرز عبرها فرنسا. ولهذه الزيارة معنيان، الأول هو بشكل إشارة إلى انفتاح فرنسا نحو المهاجرين والهجرة، إذ أن ماري كوري البولندية الأصل وصلت إلى فرنسا مهاجرة قبل أن «تأخذ المصعد الاجتماعي» عبر التعليم المجاني لتصبح أول إمرأة تحوز «مرتين جائزة نوبل» (مرة للفيزياء مع زوجها بيار كوري ومرة منفردة للكيمياء). أما المعنى الثاني فإن هولاند يتوجه نحو الجامعات والجسم الجامعي ليقول إن اهتمامه سوف ينصب على دعم البحوث وتألق فرنسا العلمي وأنه لن يبتعد عن «المجال النووي المدني» بعكس ما اتهمه سلفه.

ينتقل بعد ذلك إلى بلدية باريس، وهو تقليد لم يتبعه ساركوزي نظراً لكون الاشتراكي، برتران لانويه، يحتل رئاستها. وسوف يلتقي هولاند بـ«مواطني باريس» كا صرح مقرب منه ليغوص بـ«حمام شعبي» مع الباريسيين والسواح العديدين في هذه الفترة الربيعية.

أراد هولاند، حسب ما يبدو من هذا البرنامج، أن «يتميز عن سلفه» بقوة وأن يظهر أنه «شعبي من دون أن يكون شعبوياً»، وأن المواطنين يقفون وراءه ووراء طروحاته الاجتماعية وأنه مصمم على وضعها قيد التنفيذ. وهذه الإشارة مهمة جداً للقائه المقبل مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، فهو سوف يترك الحشود تحتفل ويستقل طائرة لتلبية دعوتها، أولاً للتعارف وثانياً للمصارحة ولمحو التنافر الذي ولده رفضها استقباله عندما كان مرشحاً وإعلانها صراحة تأييدها لساركوزي، ولمحو التنافر حول طروحات الرئيس الجديد الذي يريد «نمواً» بينما المستشارة تريد «تقشفاً». وبين الفلسفتين الاقتصاديتين توجد فلسفتا حياة ونمط رئاسي، وتبدو الشعوب الأوروبية اليوم أقرب إلى فلسفة هولاند من فلسفة ميركل.