أدى فرانسوا هولاند اليمين الدستورية كأول رئيس اشتراكي في فرنسا منذ فرانسوا ميتران قبل ١٧ عاماً، في احتفال تميز بالسرعة والبرودة.
أما الحماسة والحرارة فقد أحاطت بقصر الإليزيه في الخارج وعلى الرصيف المقابل لمدخل القصر، حيث انقسم المتجمهرون إلى فريقين: فريق متحمس هب «لنجدة» نيكولا ساركوزي، الرئيس الذي انتهت ولايته، وذلك بعدما وصلت رسائل نصية إلى معظم مؤيديه عبر الهاتف تدعوهم للتجمهر أمام باب القصر. أما مؤيدو هولاند الذين جاؤوا بشكل عفوي، فقد عمدوا إلى طلب «النجدة» عبر هواتفهم فاختلط الحابل بالنابل أمام القصر. وكان الصياح والزعيق يستقبل كل سيارة تتوقف أمام الباب، وفي حال ترجلت منها شخصية يسارية فكانت تتصاعد صيحات الاستنكار «هوووووووو»، تقابلها صيحات “هولاند رئيس”. وفي حال كانت الشخصية يمينية فإن مؤيدي هولاند يصدحون بالـ«هوووووووو» بينما يصرخ مؤيدو ساركوزي مرددين “شكراً نيكولا”.
في تمام الساعة العاشرة وصلت سيارة الرئيس المنتخب، فاستقبله ساركوزي على درج الإليزيه ودخلا سوياً حيث اختليا ٢٣ دقيقة. وكانت صديقة هولاند، فاليري تويتفيلر، قد وصلت قبله بخمس دقائق حيث استقبلتها كارلا بروني على درج الإيليزيه أيضاً. في تمام الساعة العاشرة و٣٥ دقيقة خرج ساركوزي وودعه الرئيس الجديد على الباب.
لم يلتفت ساركوزي ولا للحظة واحدة نحو الصحافيين الذين تجمهروا في الباحة يصرخون «سيد الرئيس التفت للصورة». ولم يجب ساركوزي على نداءات صحافيين «لعبوا ضده» كما كرر مراراً، فيما ابتسمت كارلا بروني، وأقلعت السيارة بسرعة حيث استقبلها تصفيق بين مؤيدي ساركوزي على الباب وصمت بين مؤيدي هولاند.
بين مودعي ساركوزي وقف «فريق عمله السابق» في مربع منزوي مقابل مربع الصحافيين٬ هنري غيينو «منظر الاتحاد من أجل المتوسط» والمرشح للانتخابات المقبلة، وشجان دافييد ليفيت، المستشار الديبلوماسي الذي سوف ينتقل للتعليم في مؤسسة العلوم السياسية. وقد علمت «برس نت» أن جان بول أرتيز (Paul Jean-Ortiz) سوف يحل محله إلى جانب هولاند. وكذلك وقف نيكولا غاليه، مسؤول الشرق الأوسط ينفخ سيجارة تلو الأخرى إلى جانب فرانك لوفرييه، المرشح أيضاً للانتخابات النيابية.
الدموع كانت غائبة عن حفلة التوقيع. عند سؤال سيدة «مدعوة من الخارج لأنها صديقة نيكولا ساركوزي» كما عرفت بنفسها، عن سبب غياب العواطف والدموع بعكس ما حصل عندما خرج جاك شيراك قبل خمس سنوات، أجابت بإحباط «لم نكن نتوقع خسارته» وتابعت وهي تنظر إلى قصر الإليزيه بحسرة “اعتقدنا أنه سوف يظل خمس سنوات أخرى داخل حيطان هذا البناء”.
وقال هولاند في أول خطاب رسمي له أمام نحو ٤٠٠ شخص حضروا مراسم أداء اليمين القصيرة انه سيسعى الى “تعديل اتفاق أوروبي” ليضيف اجراءات لدفع النمو الى سياسات خفض العجز.
وفي مسعى لابراز الفارق بينه وبين الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فرانسوا ساركوزي الذي انتقده البعض لنزعته للسيطرة واسلوبه الاندفاعي، قال هولاند انه سيحرص على ان تتسم الرئاسة بـ«الكرامة والتعقل» وان يلعب البرلمان دوره كاملاً. واستطرد “سأحدد الاولويات لكني لن أقرر عن الجميع وأبت في كل شيء ولن أكون متواجداً في كل مكان”.
ولحرصه على الاحتفاظ بصورة الرجل «العادي» التي أحبها الناخبون مقارنة بساركوزي الاستعراضي، طلب هولاند ان يكون حفل تسليم السلطة بسيطا على قدر الممكن. وقد حيّى الرؤساء السابقين في الإليزيه في نهاية خطابه، فوصف ديغول بأنه من أعاد كرامة فرنسا وأنهضها من كبوتها، بينما جورج بومبيدو أطلق ورشة الإعمار والتصنيع، وفرنسوا ميتران الذي حياه بقوة وعواطف ثم جاك شيراك أيضا الذي وصفه بأنه «من حافظ على مبادئ الجمهورية». أما نيكولا ساركوزي فقد «تمنى له حظاً سعيداً في حياته الجديدة» وهو ما وصفه المراقبون بأنه «إشارة سمجة» وفيها بعض التهكم.
مساء يوم التسلم والتسليم، يتوجه إلى برلين ليتحدى خطة التقشف التي تروج لها المستشارة الالمانية انجيلا ميركل لاوروبا، وبعد ذلك ومباشرة بعد إعلان تشكيل حكومته وعقد أول اجتماع وزاري يتوجه إلى الولايات المتحدة لحضور قمتي مجموعة الثمانية وحلف شمال الأطلسي، بعد لقاء “خاص مع باراك أوباما”.
