باريس – «برس نت»
ما زالت صحيفة «ميديا بارت» الإلكترونية تلاحق الرئيس السابق نيكولا ساركوزي رغم خروجه من الإليزيه وابتعاده عن السياسة، كما قال في خطاب إعلان خسارته قبل اسبوعين. أحد الزملاء المقربين من الصحيفة الإلكترونية فسر لـ«برس نت» سبب هذه «الضراوة» بضرورة “تهذيب الممارسة السياسية وجعل رجال الحكم والسياسيين صادقين في أقوالهم وأفعالهم وفي هذا دعم للديموقراطية”.
ننشر اليوم الأوراق التي حصلت عليها «ميديا بارت» والتي تثبت «تدخل نيكولا ساركوزي» لدفع ملف تجنيس زوجة بشير صالح، كفى عاشور، وتثبت أن حصولها على الجنسية الفرنسية كان خلافاً للقوانين الفرنسية. وهذا ما يبرهن على أن «مساهمة قصر الإليزيه» في عهد ساركوزي في وصول صالح إلى فرنسا رغم أنه مطلوب من الأنتربول، كانت مبنية على علاقات سابقة، ومنها التهم بأن رجل القذافي القوي ساهم في دعم تمويل حملته الانتخابية السابقة عام ٢٠٠٧ بمبلغ ٥٠ مليون دولار.
وجه قصر الإليزيه منذ صيف عام ٢٠٠٨ رسالة لدعم ملف تجنيس كفى عاشور، المولودة في لبنان، والتي تملكت فيللا في «برفيسين» (Prévessin-Moëns) على الحدود السويسرية (شرق). والجدير بالذكر أن المحكمة الادائية قد حكمت على عاشور بالسجن سنتين بسبب “معامتها القاسية للخدم العاملين في هذه الفيللا”.
وقد تدخل قصر الإليزيه لدعم طلبها الجنسية عبر رسالة (انظر إلى الوثيقة) يطلب فيها «معاملة خاصة لهذا الطلب». إلا أن الموظفة المكلفة بالملف لاحظت «أن عاشور لا تتوفر في طلبها الشروط اللازمة للحصول على الجنسية» خصوصاً أن أولادها وزوجها لا يسكنون معها في فرنسا بشكل دائم وهي أيضاً لا تقيم على الأراض الفرنسية. فكتبت الموظفة تنبه المحافظ إلى عدم توافر الظروف وتشير إلى رسالة الإليزيه «الخارجة عن المألوف»، إذ إنها تطلب «مخالفة القوانين». وذكرت أنها طلبت من المسؤولين في الإليزيه الذين اتصلوا بها مرتين أن يتصلوا مباشرة بمساعد المحافظ.
وقد وصلت لمساعد المحافظ «أوليفيه لوران» (Olivier Laurens-Bernard) رسالة تحمل شعار الإليزيه، أي من رئاسة الجمهورية موقعة من مسؤول في الإليزيه يطلب حرفياً مساعدة «السيدة بشير المولودة عاشور في لبنان، فهي زوجة مدير مكتب القذافي الذي لنا معه علاقات وطيدة، تعود للأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين فرنسا وليبيا» وينهي موظف الإليزيه رسالته بالطلب من مساعد المحافظ “أن يبقيه على معرفة بما يؤول إليه طلب الجنسية”.
كل ذلك رغم أن الموظفة الأولى كانت لفتت انتباه مرؤوسيها إلى أن عاشور لا تتوفر في طلبها شروط الجنسية.
وقد حاول مساعد المحافظ «مقاومة هذه الضغوط» فوجه رسالة إلى قصر الإليزيه يعدد فيها «النواقص» في ملف عاشور، ويرمي الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية بعد أن كتب “نظراً لهذه الظروف فأني أترك لكم تقدير الأمر والتصرف”.
فما كان من قصر الإليزيه إلا أن طلب من وزارة الهجرة والهوية الوطنية التي كانت تحت سلطة «بريس هوتوفو» (Brice Hortefeux) المقرب جداً من ساركوزي أن توافق على طلب الجنسية الذي وصل إليها في 23 تشرين الأول/ أوكتوبر عام ٢٠٠٨ وصدر قرار التجنيس بسرعة البرق في ١٢ تشرين الثاني/ نوفمبر ونشر في الجريدة الرسمية (أنظر الوثيقة).
ويدل هذا على أن طلب الجنسية قد بت به خلال أقل من ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الطلب حتى صدور مرسوم التجنيس، وهي سرعة فائقة مقارنة بالمدة المعتمدة عادة وهي تتجاوز السنوات الثلاثة.