- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

السلف أمامكم والمستقبل وراءكم فأين المفر؟

نقطة على السطر
بسّام الطيارة
عجيب أمر بعض دول الخليج، إن لم نقل كلها. عجيبة هي سياستها المبنية على «الأمور ليست كما نراها ولكن كما نريد أن نراها». عجيب عدم تقديرها لنتائج سياساتها على المدى الطويل.
لن نتوقف أمام مسألة «تقييم النظام السوري» نتفق مع آخرين، غير الدول الخليجية على أن هذا النظام بات مفلساً ويجب تغييره. ولكن لماذا لا نتفق مع الدول الخليجية (خصوصاً قطر والسعودية) التي هي رأس حربة محاربة هذا النظام؟ الجواب بسيط: هذه الدول في سياق صوت الشعب السوري ومعه كل الشعوب الحرة (التي تحارب هذا النظام وكذلك التي تدعمه) تطالب بالديموقراطية وبحرية الكلمة والتعبير والتنفس والذهاب والإياب. هذه الدول (الخليجية) تصرف الثمين والغالي من أجل تمكين المعارضة السورية (لنقل قسم من المعارضات السورية) للوصول إلى هذا الهدف. (هذا الهدف نكرر: الديموقراطية وحرية الكلمة والتعبير والتنفس والذهاب والإياب)
نحن العرب شعب (أو شعوب) بسيط (أو بسيطة) لم نتوصل إلى صنع مراكب فضائية تصل إلى القمر، ولا أنتجنا شرائح سيليكون لتسيير نبضات الحواسيب، في معظم دولنا لا يوجد مصنع قادر على تصنيع… حنفية. نستورد كل احتياجاتنا ونعتبر انفسنا «أذكياء» ولذا يضحك العالم علينا ويخفي ضحكته ويربت على أكتافنا وهو يبتسم ابتسامة صفراء. مع ذلك يمكننا أن نطرح أسئلة بديهية فنسأل حكام الدول الخليجية هل يطبقون في دولهم ما يطالبون به «النظام السوري المريض »؟
ألم يقل أبو الأسود الدؤلي «ابدأ بنفسك فانهها عن غيها»؟ … ألم يستطرد بالقول «يا أيها المعلم غيره هلا لنفسك ذا التعليم»؟. ألم ينه بالقول «لا تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصحوا … وأنت سقيم»؟
نعيد ونكرر «النظام السوري بات مفلساً وأيامه معدودة» لن ندافع عنه بأي شكل من الأشكال، ولكننا نسأل.
لماذا هذا الاندفاع لحرق كافة المراكب؟ لماذا استعمال كل أنواع النيران لإشعال سوريا وصولاً إلى «اقتلاع النظام»؟ لماذا العمل على تأجيج النار المذهبية وصولآً إلى هذه الأهداف؟ هل إشعال نار الفتنة المذهبية تفيد بإيصال «الديموقراطية وحرية الكلمة والتعبير والتنفس والذهاب والإياب»؟
الحريق بات كبيراًً والنار تدب في هشيم شرائح مجتمعنا العربي الضعيف (وصلت إلى لبنان أمس) وتلك الدول تتصرف وكأن بيوتها من صلب بينما ترمي النار على بيوت من قش.
أعزائي حكام الخليج. إذا اعتقدتم أنه يمكن وضع حدود لتلك النار التي تصبون يومياً زيتاً ونفطاً فوقها، وأنه يمكن إيقافها على حدود مرسومة على خارطة ورقية لحدود مصطنعة، فأنتم مخطئون.
مخطئون جداً. لا لسبب فقط لأنكم لا تدركون «سيكولوجية شعوبكم» أي شعوب المنطقة العربية أي العرب مسلمين أياً كان مذهبهم ومسيحيين لأي كنيسة انتموا. أنتم لا تدركون سيكولوجية شعوب بلادكم الخليجية. بعضهم (أقلية) يهوج ويموج عند سماع خبر من إعلام مسير وليس مخير. إلا أن المستقبل ليس حيث تنظرون، ولا كما تريدون أن تروه.
إذهبوا إلى حيث لا تذهبون. إذهبوا إلى حيث لا تستطيع لا شرطة الرقابة ولا المطاوعة الوصول، حيث إذا وصلت فهي لا تفهم ما يقال ولا تبصر ما ترى. إذهبوا نحو شبابكم نحو الثورة التي تدب في أحشاء شبابكم وشاباتكم.
الثورة أقول؟ لا، ثورتان متناقضتان تتحضران وأنتم لاهون لا تبصرون. تعتقدون أنكم تمارسون سياسة مدروسة ولا تلتفتون إلى نقطة الماء التي تندس رويداً رويدا في أساسات ملككم و«تفعل فعلتها في مداميك مجتمعنا العربي».
ثورتان تتحضران: واحدة تنظر إلى السلف وإلى خلفٍ، يقودها ذوي اللحى وهم يبغضونكم. وأخرى تترعرع في أحشاء شباب وشابات ينظرون إلى المستقبل إلى الأمامِ، وهؤلاء يشفقون عليكم.
ما العمل يا حكام الخليج؟
السلف والماضي أمامكم والأمل والمستقبل وراءكم فأين المفر؟