- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا : نكون او لا نكون

تجاة شرف الدين

منذ بداية الاحتجاجات في سوريا في شهر آذار/ مارس ٢٠١١، بدأت التحاليل والمقالات الصحافية تتحدث عن ماهية خطة النظام السوري في مواجهة التظاهرات، وإمكانية الاستجابة لبعض المطالب والقيام بخطوات إصلاحية ممكن ان تستوعب الغضب الشعبي، إلا ان التطورات والأحداث على الارض كانت أسرع وأقوى من التوقعات، وإنتشرت الاحتجاجات تدريجياً في معظم المناطق السورية، ولم تستطع الخطابات والمقابلات التي قام بها الرئيس السوري بشار الاسد وأعلن خلالها عن سلسلة خطوات  إصلاحية،  ان تنفس الاحتقان الداخلي، وجاءت بمعظمها متأخرة وأقل من المطلوب وفي التوقيت الخاطىء.
ومع تصاعد وتيرة العنف من الجيش والقوى الأمنية السورية في مواجهة المتظاهرين، والتي إستمرت بالرغم من وصول المراقبين الدوليين تلبية لخطة المبعوث الأممي كوفي أنان، ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية للجيش السوري الحر، إضافة الى الانفجارات الارهابية العديدة التي شهدتها دمشق وحلب وغيرهما من المدن، بدأت التحاليل والمقالات وخاصة في الصحافة الغربية تتحدث عن “حرب أهلية” بدأت فعليا على الارض في سوريا، بالتزامن مع تصاريح لمسؤولين سياسيين ودبلوماسيين أعربوا عن تخوفهم من تدهور الأوضاع في معظم المناطق السورية ما ينذر بحرب أهلية طويلة.
في ظل هذه الأجواء الامنية، بدا ان التسويات السياسية هي الغائب الاكبر في هذه المرحلة، خاصة وان أطراف المعارضة السورية في الخارج والداخل منقسمة فيما بينها ولم تستطع ان تشكل إطارا يجمعها ولا خطابا موحدا بالنسبة للموقف من النظام، على الرغم من الحركة الخارجية للمجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون، من خلال الاتصالات واللقاءات  التي أجراها ويجريها مع الدول الغربية والعربية، أو الاتصالات التي تجريها المعارضة في الداخل مع أطراف خارجية عربية وأجنبية ومنها روسيا والصين.
وفي غياب الحلول السياسية والعسكرية، يبدو المشهد السوري وفي انتظار نتائج الاتصالات الدولية بين الولايات المتحدة الاميركية  وروسيا وإيران ، يظهر ان النظام وعلى رأسه الرئيس الاسد يخوض معركة وجود، وهو لذلك يقدم على خطوات سياسية متزامنة مع الخطوات العسكرية، من خلال الإصلاحات التي أعلن عنها والانتخابات التي أجراها ومجمل الخطوات التي يقوم بها، من دون الرجوع او الالتفات الى موقف المعارضة او مشاركتها، وذهب بعض الاعلام الى القول إن النظام ونتيجة الضغوط التي يعيشها يلجأ الى فتح معارك خارج الاراضي السورية، ومنها لبنان وخاصة الشمال، لأن النظام يخوض معركة وجوده وبالتالي يكون او لا يكون .
في المقابل، فإن المعارضة السورية الداخلية والخارجية، والشعب السوري الذي يقوم بالاحتجاجات اليومية، يخوض بدوره معركة وجود، لأنهم يعتبرون ان أي تراجع عن المطالب أو المساومة عليها يعني القضاء عليهم، وإستعادة النظام لقوته والانتقام من المعارضة ، وبالتالي فإن المعارضة تخوض معركة ان تكون او لا تكون .
هي معركة مصيرية بالنسبة للطرفين حتى وإن طالت، وبغض النظر عن بقاء أو عدم بقاء النظام ووصول أو عدم وصول المعارضة الى السلطة  في المرحلة المقبلة، فإن السؤال يبقى هل يمكن لسوريا ان تكون او لا تكون؟