- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إلى نجيب ميقاتي: كــــفى!

إميلي حصروتي
الإنفصام الأمني و السياسي الذي يعيشه لبنان بمفاعيله الكارثية على أمن المواطنين بلغ حدّاً سوريالياً في الأسابيع القليلة الماضية بعد توقيف جهاز الأمن العام اللبناني للمواطن السلفي شادي المولوي في طرابلس والأحداث الدامية التي تلته في المدينة، ما أجبر مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم للخروج إلى الإعلام ليبرر إعتقال المولوي، فصرّح قائلاً إن “المولوي من القاعدة و ملفّه شائك و كبير”.
الطريقة السينمائية لاعتقال شادي المولوي سواء لجهة استدراجه إلى المكتب الخدماتي لوزير المال محمد الصفدي بحجة صرف مساعدة مالية له، أو لجهة تسريب مقطع فيديو من الإعتقال، أتت ثمارها فجاء الإفراج عنه على الطريقة الهوليودية لتكتمل بذلك عناصر الدراما التي اعتادها اللبناني في تعاطي الطبقة السياسية مع عقله و ذكائه. فقد أُفرج عن شادي المولوي و ملأت صوره الشاشات اللبنانية و هو يصرّح من مكتب الوزير الصفدي حيث اصطادته الأجهزة الأمنية بإنه اضطر للإعتراف بالإنتماء للقاعدة تحت التعذيب و أن توقيفه هو توقيف سياسي. هذا وقد قيل إن شادي المولوي غادر المحكمة العسكرية عائدا إلى منزله في إحدى السيارات التابعة للوزير محمد الصفدي، فيما صرّح محاميه محمد الحفظة بالقول إن “كل السياسيين الطرابلسيين أرسلوا سيارات لاصطحاب شادي”. المولوي، و بعد عودته الميمونة من ضيافة القانون اللبناني مرّ أيضا على دارة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في طرابلس، قبل توجهه إلى ساحة النور حيث كان ينتظره احتفال شعبي حاشد.
إن ما حملته الأسطر السابقة من شواذات فاقعة لأبسط قواعد هيبة الدولة والحكم لم يعد يصدم أحداً في لبنان، بل إن إشعال فريق لبناني سنّي حرباً صغيرة ليلة الأحد الفائت، إثر مصرع إمام بلدة البيرة الشيخ محمد عبد الواحد بعد تبادل للنار على حاجز للجيش اللبناني شمالا وما رافقه من استعمال للأسلحة الخفيفة والمتوسطة وهلع وأضرار بالممتلكات في عمق بيروت، قوبل في اليوم الثاني من وزير الداخلية والبلديات اللبناني بالقول في حديث لإذاعة محلية: “فشوا خلقن مبارح، ماشي الحال”! بالفعل إن لم تستح فافعل ما شئت.
لست أدري لما لم يستقل الرئيس نجيب ميقاتي حتى اليوم، هو قال في تصريح له أن ثمّة محاولة لاغتيال الوطن وأنه باقٍ لمنع هذا الإغتيال. كلام جميل ولكن ليته أفصح لنا كيف يُغتال الوطن و كيف سيمنع ذلك؟ هل بالإفراج عن سلفي اتهمه مدير عام الامن العام “زوراً” واستقباله في منزله؟ أم بتوقيف 3 ضباط و19 عنصر من الجيش اللبناني لأنهم قاموا بما تمليه عليهم القواعد العسكرية؟ أم ربما بمنع الجيش والقوى الأمنية من التدخل لوضع حدّ للفلتان الحربي الذي شهدته منطقة طريق الجديدة؟ نعم، حبّذا لو أن الرئيس ميقاتي يخبرنا كيف سيمنع اغتيال الوطن وهو على رأس حكومة رجال أعمال ومتمولين جميعهم مرشحين للإنتخابات النيابية القادمة؟
حضرة الرئيس ميقاتي، أتوجه إليك بالنقد لأنك رأس الهرم ولأنك المسؤول عن تصليح الخلل والإعوجاج الذي شاب حكومتك منذ اليوم الأول. سأكلمك بلغة رجال الاعمال التي تفهمها جيدا، أنت تعلم أن هناك دائما عمل لمن يعرف أين يجده و لكنك تدرك أن هناك أسواق سيئة يجب أن نتعلم تفاديها، والسوق السياسية اللبنانية في هذه المرحلة تسيء إليك كل يوم أكثر. لا شك بأن أحدهم أسرّ في أذنك يوما أن البزنس يبدأ عندما يقول الزبون “لا”،  ولكن في هذه الحالة البيعة هي الوطن برمته والزبون هو الشعب اللبناني المنهك الذي لن يحتمل المزيد من المفاصلة على قوته وأمن ابنائه وأرزاقه. الزبون يا سيدي يقول لا وهو يعني ما يقول. يقول لا لهذه السياسة الأمنية العوجاء ولا لهذه السياسة الاقتصادية التي تستعدي الفقراء و المعوزين. الزبون يا أيها الرئيس ميقاتي مفلس، فيوم أتيت وقلت كلنا للعمل فرك كفيه فرحا وتناسى كيف أتيت، ولكنك سحبت عن طاولته رغيفاً، شهدت على حقوقه العمالية تهدر، أفرجت عمن يهدد أمنه بشهادة لواء في أجهزتك الأمنية، ثم تغاضيت عمن يروّع أبناءه و يقطع الطرق و يخرب الممتلكات العامة.
حضرة الرئيس ميقاتي، استقل، أنت بحاجة للراحة و نحن أيضاً!