فادي أبو سعدى
تحدثنا كثيراً عن زوار بلدنا، وقلنا سابقاً أهلاً وسهلاً بالجميع، فبلدنا هي مهد الديانات، وثقافة التسامح، ومبدأ إكرام الضيف، ولسنا نتحفظ على هذا أو ذاك، لكن الأمر يتطلب بعض الاحترام من طرفهم، والكثير من المسؤولية من طرفنا نحن، خاصة من أصحاب القرار في هكذا زيارات، لأن الأمر متعلق بكرامتنا، وصورة بلدنا بل وصورتنا نحن الفلسطينيين أمام العالم.
الزائر الأخير كان عارضة الأزياء الشهيرة نعومي كامبل، التي زارت بيت لحم ومهد السيد المسيح، لكنها نجحت في فرض شروطها “هي” ورغماً عنا “نحن”، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل بالاصطدام بالصحافيين ومنعهم من التصوير والسماح لجهة واحدة فقط من فعل ذلك، وهو ما لم يعد مقبولاً على الإطلاق.
لا نعلم من المسؤول عن ترتيب هذه الزيارة، ولا نريد أن نعلم، فمن استقبلها كان وزير السياحة الجديد، رولا معايعة، ورئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة، وهما من يتحملان وضع الإعلام والإعلاميين، والبلد بأسره في هذا الموقف المحرج، والرضوخ لطلبات عارضة أزياء أياً كانت.
إن كانت لا تريد أن يراها أحد في بيت لحم، فلماذا أتت أصلاً؟ وإن كانت تخجل من التقاط صور لها في مدينتنا فلماذا استقبلناها؟ حتى أننا نذهب إلى حد التفكير إن كانت كامبل تعلم أصلاً، بأنها تزور فلسطين، أو أنكم قلتم لها هذا؟
ألا نستحق “نحن الشعب” أهل البلد، القليل من الاحترام ممن يريد زيارتنا؟ ألا تستحق بلدنا التفاخر بها أمام ضيوفها وإتاحة الفرصة للكاميرات بالتقاط الصور وتصديرها إلى كل العالم برسالة مفادها “هذه فلسطين وهؤلاء هم زوارها، فأهلاً وسهلاً بالجميع!”.
هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، وأكاد أجزم بأنها لن تكون الأخيرة، ليس فقط فيما يتعلق بزيارة البلد بشروط الضيف، وإنما بإهانة الإعلام والإعلاميين بطريقة تظهرنا على نفس النهج “البوليسي” الذي يفترض أنه قد ولى، خاصة وأننا في زمن الربيع العربي الذي يعصف بالمنطقة.
برغم كل الأحاديث عن حرية الإعلام، وحرية التعبير، لا زلنا نتصرف عكس ذلك، ونهين أنفسنا بأنفسنا، أمام العالم بأسره، لأن الأصل بأن من يريد زيارة بلدنا، على طريقته الخاصة أو بشروطه فـ”لا أهلاً ولا سهلاً”.
أياً كان الضيف وخلفيته، وأفكاره، وعرقه، لا يجب أن نستقبله، لأنه ببساطة لم يحترمنا ولم يحترم بلدنا، ويعتقد بأن المال والسلطة، يستطيعان توفير ما يريد هو، لكن المعيب أنه على حق حتى الآن! أما نحن فلا نحرك ساكناً، ونواصل استقبالهم بشروطهم!