- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الرئيس المصري العتيد وتحدي الآمال الشعبية

في اليوم الثاني من الانتخابات المصرية الرئاسية ظهرت تقارير صحافية تعتبر أن رئيس مصر المقبل، بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات، سيكون في وضع غريب تتبدى غرابته في انه لا يعرف ما هي صلاحياته وسلطاته. والسبب ان كتابة دستور مصري لمرحلة ما بعد مبارك اصطدمت بمصاعب وانقسامات حالت دون إعداده قبل الانتخابات الرئاسية.

ووضعت صحيفة “الغارديان” العملية الانتخابية، في غمرة حماس المصريين لانتخاب أول رئيس يختارونه بإرادتهم، في اطار اصلاح غير معروف النتائج. وان انتخاب رئيس الدولة “لن يعيد بحد ذاته الاستقرار والأمن أو يحقق النهوض الاقتصادي الذي يتطلع اليه ملايين المصريين منذ الثورة”.

كما يرى المراقبون ان انتخاب الرئيس لن ينهي تدخل العسكر في السياسية إضافة الى تدشين عصر ذهبي جديد من العدالة الاجتماعية.

وتأتي في أعلى سلم القضايا الحاسمة لمستقبل البلاد، قضية العلاقة بين الرئيس والبرلمان الذي تهيمن عليه الآن اغلبية من النواب الاسلاميين الذين خابت آمال المصريين عموما بأدائهم حتى الآن. وبموجب الاعلان الدستوري المعتمد حاليا، فان من صلاحية الرئيس ان يُجري تعيينات في مناصب حساسة ولكنه لا يستطيع ان يصادق على ميزانية الدولة مثلا التي ما زالت من اختصاص البرلمان حصرا. ولا يمكن تشريع قانون من دون اتفاق بين البرلمان والرئيس.

وحذر محللون من ان الرئيس سيكون رئيسا ضعيفا وخاضعا إذا لم تتغير هذه القواعد. وتوقعت صحيفة “الاهرام” ان تنشأ نزاعات لا مفر منها إذا وجد الرئيس نفسه بين سندان الاستياء الشعبي ومطرقة الضغط البرلماني.

وقال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، الذي راهن كثير من الليبراليين على دخوله حلبة السباق الرئاسي، ان غياب الوضوح هذا بشأن صلاحيات الرئيس يزرع بذور النزاع لاحقا.

ومن المتوقع ان يتخذ المرشحون المختلفون مواقف مختلفة من هذه القضية. وعلى سبيل المثال يرى مراقبون ان عمرو موسى لا يتمتع بقاعدة سلطة طبيعية، وبالتالي سيحاول على الأرجح ان يقوي سلطة الرئاسة على الضد من مطالب الثوار. ولكن رئيسا اسلاميا سيجد من الأسهل عليه ان يعمل مع نواب غالبيتهم اسلاميون مثله. ويخشى كثيرون ان تكون الآمال المعلقة على التغيير آمالا عريضة الى حد الخطر.

ونقلت الغارديان تحذير الكاتب والصحفي المخضرم محمد حسنين هيكل من ان أي رئيس جديد يعمل من أجل الاصلاح لمصلحة الشعب، سيرث بيروقراطية في جهاز الدولة لم تمسها الثورة.

ومن القضايا الحيوية الأخرى التي ما زالت بلا حل العلاقة الثلاثية بين الرئيس والبرلمان والعسكر. ويبدو في حكم المؤكد ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيلتزم بتسليم مقاليد السلطة في نهاية حزيران/ يونيو كما وعد. ولكن من المؤكد بالقدر نفسه ان المجلس سيصر على الاحتفاظ بحق الفيتو في مجال الأمن والسياسة الخارجية مقابل اعادة الجنود الى ثكناتهم. ويُراد تشكيل مجلس جديد للأمن القومي ولكن لا أحد يعرف كيف يمكن إخضاع الجيش لمسؤولين مدنيين منتخبين ومؤسسات مدنية وما إذا كان سيُخضع أصلا لمثل هذه الادارة.

كما سيحاول الجيش حماية ميزانيته من المراقبة العامة والمحاسبة البرلمانية.

ونقلت صحيفة “الغارديان” عن محلل في مؤسسة آي ايتش أس للأبحاث في لندن انه إزاء قائمة القضايا الملحة التي ستواجه الرئيس الجديد في اليوم الأول من عمله، مثل العلاقة مع البرلمان وموقع الجيش المصري والاصلاح الدستوري ودفع عجلة النمو الاقتصادي والعلاقات مع اسرائيل والولايات المتحدة وتراجع دور مصر الاقليمي والأزمة في سوريا والمشاكل المستمرة مع برنامج ايران النووي، فان المشكلة الأكبر التي ستواجه الرئيس المصري الجديد قد تكون “الآمال الشعبية غير الواقعية قطعا التي من المرجح ان يعقدها المصريون على الانتخابات وتسليم العسكر مقاليد السلطة الى المدنيين”. واضاف المحلل ان الانتخابات المصرية قد تؤشر نهاية فترة عصيبة في تاريخ مصر الحديث ولكن العمل الشاق ما زال في بدايته.