- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قلق فرنسي من تشابك الوضع اللبناني والسوري

فابيوس مستقبلاً باشليه

باريس – بسّام الطيارة

بدأ القلق يجترح الموقف الفرنسي من الوضع في لبنان وانعكاسات الثورة السورية على بلاد الأرز. الناطق الرسمي لوزارة الخارجية برنار فاليرو تطرق، رداً على سؤال، إلى مسألة خطف اللبنانيين في سوريا وقال إن فرنسا «تندد بخطف الرعايا اللبنانيين الشيعة، وتطالب بإطلاق سراحهم» وأضاف بأنها «تقف إلى جانب السلطات اللبنانية في سعيها للحفاظ على السلم الأهلي وتهدئة التوتر». كما أن فاليرو أشار إلى أن باريس ترحب بـ«الخطابات المسؤولة للقادة السياسيين على اختلاف توجهاتهم  الذين بادروا لتوجيه الدعوات للشعب اللبناني للتهدئة».
وزير الخارجية «الجديد» «لوران فابيوس» (Laurent Fabius) تطرق لأول مرة «لما يحدث على الأرض اللبنانية» وذلك بمناسبة لقائه الرئيسة السابقة التشيلية ميشال باشليه مديرة هيئة المساواة والمرأة التابعة للأمم المتحدة، وقال« إننا ننظر بكثير من القلق إلى انعكاسات مأساة ما يحدث في السوريا على لبنان»، وشدد على الأمل بأن لا تصل عدوى هذه المأساة العميقة» إلى لبنان.
وفي الواقع يمكن القول إن دخول الديبلوماسية الفرنسية «الجديدة» التي يقودها «رئيس وزراء سابق» في عهد ميتران إلى الملف اللبناني يتم ببطء شديد، ينم عن «حذر» بسبب تعدد العوامل المتداخلة في المنطقة. رغم أن فابيوس «قام بجولة على المنطقة»  قبل الانتخابات الرئاسية مبعوثاً لفرانسوا هولاند.
ويقول أحد الخبراء المقربين من الكي دورسيه إن «الخطوط العامة للديبلوماسية الفرنسية لا تتغير بتغير الحكومات ولا العهود» وخصوصاً بالنسبة للبنان ويعطي أفضل دليل تعيين «دوني بيتون» (Denis Pieton) مديرا لمكتب فابيوس. وبيتون الذي  يجيد اللغة العربية أمضى ثلاث سنوات سفيراً في بيروت ويدرك خبايا الوضع اللبناني والسوري المتداخل. وقد حلّ محله في قصر الصنوبر في بيروت «باتريس باولي» (Patrice Paoli) الذي كان المدير السابق لدائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الكي دورسيه والمستعرب أيضاً الذي «خَبَرَ كل ملفات الشرق الأوسط في السنوات الأربع الماضية، وكان حاضراً في معظم المشاورات والمفاوضات التي خاضتها فرنسا بشؤون المنطقة.
رغم كل هذا «المكون الإيجابي»، إلا أن التردد الذي سوف يسبق أي خطوة فرنسية سوف يكون مرده «المخاض العسير الذي يجتاح المنطقة» كما يقول الخبير. ويشير إلى أن بعض الدوائر الفرنسية التي بدأت «تدرس ملفات المنطقة على مستوى سياسي» تنظر إلى الثورة السورية وترى أنها تنذر بالتوسع «جغرافياً جنوباً نحو لبنان ولربما شمالاً نحو تركيا» ولكن أيضاً بالتوسع «إتنياً ودينياً ومذهبياً نحو لبنان جنوباً ونحو العراق شرقاً ونحو تركيا شمالً». وهنا تكمن بوادر القلق الفرنسي.
ويبدو أن هذه «الدوائر» تنتظر «نتائج انتخابات مصر» لما يمنتظر أن يترتب على نتائجها من انعكاسات كبيرة جداً على مجمل ملفات المنطقة انطلاقا من الدور الذي تستطيع أن تلعبه مصر في المنطقة. فلا ينسى الاشتراكيون بأن ميتران كان يرى في مصر «مفتاح المنطقة»خصوصاً بعد أن وقعت معاهدة السلام مع الدولة العبرية. وبعكس اليمين الفرنسي ورغم العلاقات الوثيقة التي كانت قائمة قبل ١٧ سنة مع دول الخليج في العهد الميتراني الذي خبره فابيوس كرئيس للوزراء، إلا أن الاشتراكيين لا يخفون «تفضيلاً إيديولوجياً» لمصر.
ويقول أحد «منظري الديبلوماسية العربية في الحزب الاشتراكي» بأن مصرسوف تلعب دوراً في الملف السوري مباشرة بعد الانتخابات أياً كانت النتيجة لأن «مصر -تاريخياً- لا تقبل بأن تمد تركيا نفوذها جنوباً نحو سوريا الكبرى»، كما أن القاهرة (ويعيد التشديد) «أيا كان الرئيس» لا تقبل بترك ساحة قيادة الشؤون العربية للسعودية ولقطر.
من هنا يتوقع عدد من الخبراء المقربين من الطاقم السياسي الجديد في الكي دورسيه أن تكون مصر مرتكزاً في التوجه الجديد للديبلوماسية الفرنسية في المنطقة يرتكز على الوزن الفرنسي في ليبيا وتونس ما يمكن أن يشكل محوراً يمكنه أن يلعب دوراً في غرب المنطقة موازياً للقوى المتواجدة في شرقها.
لكن هذه المرحلة الانتظارية لا تمنع باريس من توجيه رسائل إلى جميع الأفرقاء اللبنانيين تشدد عبرها على «دعم باريس للبنان تفهم سياسة النأي بالنفس» مع تحذيرات مبطنة تتعلق بضرورة «معاملة اللاجئين السوريين كما تنص عليه القوانين الإنسانية» وهي رسالة تحمل معان كثيرة في فم مصدر ديبلوماسي فرنسي.