- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان: بِع سلاحك دفاعاً عن النفس!

إميلي حصروتي
مع الغياب الصادم لسيادة القانون في لبنان حيث تلعب الوساطات السياسية و العائلية لعبتها في حل النزاعات بين الأفراد و تذويب الملاحقات القانونية للأعمال المخلّة بالأمن، برزت طائفة جديدة من أمراء الشوارع الذين باتوا يجوبون بيروت و ضواحيها بأسلحتهم الخفيفة الظاهرة من دون حسيب أو رقيب.
شاب في العشرينات من عمره أعدمته 9 طلقات من مسدس حربي على خلفية تصليح دراجة، “سكران” قُتل بعدما تواجه لساعات مع القوى الأمنية على خلفية تحرش بصديقته، خلافات عائلية تنتهي باستعمال القذائف و الأسلحة الرشاشة… إنها عينة من الحوادث التي لا تحصى و لا تعد عن لجوء اللبناني إلى أخذ حقّه بيده بعد فقدان هيبة القانون و بعد الأسلوب الإنتقائي الذي تعتمده أجهزة الدولة و قياداتها السياسية في معالجة المشاكل الأمنية المتنقلة داخل لبنان.
في الواقع إنه لا يكاد يخلو بيت لبناني حاليا من قطعة سلاح فردي قد تتحوّل إلى ترسانة بحكم موقع صاحبها و انتماءه العقائدي و السياسي و نشاطه الحزبي، و مؤخرا بحكم زعامته المادية التي تتيح له فرصة تشكيل ميليشيا من المرافقين تسمح له بحربه الصغيرة إن دخل حانة و لم يتوفق بمقعد مناسب على سبيل المثال.
فبالتزامن مع التضييق غير المسبوق على الحريات الإبداعية و ارتفاع منسوب الارهاب الذي تعاني منه فئات و طوائف الشعب اللبناني من عودة الحرب الاهلية و الذي أججته الثورة السورية بعد انقسام لبنان الشعبي و السياسي حولها، جاء شهر أيار/مايو  الحالي حاملاً شحنة عظيمة من العنف توزعت على المناطق و الأحياء من الشمال حتى الجنوب و دفعت بموضوع انتشار السلاح في أيدي المواطنين إلى واجهة النقاش.

لكن الرغبة بالنقاش قد لا تكون دوما إيجابية في بلد مثل لبنان، ذلك أن موضوع انتشار السلاح، سواء الخفيف أو المتوسط وتواجده في أيدي الفصائل والأفراد، بات يخضع بدوره لبازار السياسة و الطائفية و بشكل خاص بعد انفضاض الإجماع الشعبي و السياسي حول سلاح حزب الله أو ما يعرف بسلاح المقاومة إثر أحداث السابع من أيار/مايو  2008 الشهيرة. فلا أرقام دقيقة و لا احصاءات عن الجهات التي تمتلك السلاح و لا عن انتمائها، فقط تحليلات صحفية فيما الدولة تنأى بنفسها عن نشر ما تعرفه عن هذا الموضوع و تقذف به على ما يسمى طاولة الحوار الوطني والتي فشل أقطابها بالإجتماع حولها منذ حوالي السنة.
الحديث عن شرعية السلاح في لبنان لا يغني و لا يسمن عن جوع بل يمكن أن ينتهي ببادئه إلى الصلب و التخوين، لكن نظراً لتحول بعض المواطنين المسلحين إلى قنابل موقوتة بين الجموع المسالمة، لم يعد يحق للمجتمع المدني اللبناني ألا يعمل باتجاه الضغط على الطبقة السياسية لإيجاد خطط بديلة لسحب السلاح من أيدي العامة الذين لا تلحظهم فذلكة الاستراتيجية الدفاعية و طاولة الحوار الوطني. ماذا لو سعى الناشطون لدى وزارة الداخلية و البلديات اللبنانية إلى إدراج اقتراح أمام الحكومة لإقرار برنامج لشراء الأسلحة الفردية الخفيفة و الرشاشة على نسق البرنامج الذي طرح من قبل الإدارة الأميركية لشراء الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات من الثوار الليبيين بعد سقوط القذافي؟ سيرى البعض مشكلة في تمويل برنامج مماثل، لكن الأمم المتحدة و عدة هيئات أوروبية و عالمية ستقدم الدعم اللازم في حال توفرت الرغبة اللبنانية الرسمية.
هل سيتلقف نشطاء المجتمع المدني هذا الإقتراح فيتحول لبنان إلى مجتمع مدني فعلي لا يُعسكر أبناؤه أجواءه مع كل خلاف أو ولادة أو احتفال؟ المؤكد أن تأمين مخرج قانوني و مربح لمقتني السلاح الراغبين بالتخلص منه سيشجع جزء غير يسير منهم لاستبدال أسلحتهم بالمال في بلد يختنق تحت وزر ضائقة اقتصادية و حيث نسبة الاقتراض الشخصي إلى ارتفاع. الفكرة تستحق البحث و تستأهل العمل على السبل القانونية و الإجرائية لطرحها مع السعي نحو صندوق تموله و تشرف عليه الأمم المتحدة أو هيئات مستقلة سيكون كفيلاً بضمان مصير الأسلحة و استعمالاتها لاحقا.

(المحرر) أنظر إلى هذا الفيديو المعبر عن هذه المسألة الخطرة