- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

شبهة ديموقراطية خليجية

زاوية حادّة

حسام كنفاني
موسم انتخابات يجتاح منطقة الخليج. قد لا تكون هذه المرة الأولى التي تشهد مجموعة من الدول الخليجية عمليات انتخابية، لكنها تأتي هذه المرة في ذروة “الربيع العربي” لتعطي فكرة عن ما هي عليه الأمور في هذه الدول، وحال الديموقراطية فيها.
قبل سنوات قامت السعودية وقطر بتنفيذ أول عملية انتخابية للمجالس البلدية. في ذلك الوقت، كان الأمر سابقة، رغم الشوائب العديدة التي تتخلله، ولاسيما لجهة عدم وجود اي صلاحيات حقيقية للمجالس المنتخبة. الأمر نفسه بالنسبة إلى الإمارات العربية المتحدة، التي قامت قبل سنتين تقريباً بتنظيم عملية انتخابية لنصف أعضاء مجلس الشورى للمرة الأولى في تاريخها. انتخابات كانت قمة في الكوميديا، وخصوصاً أن الانتخابات سبقتها عملية اختيار للناخبين من قبل الحكام السبعة للإمارات التي تشكّل الدولة، وبالتالي كانت نتائج العملية معروفة مسبقاً وبشكل لا يزعج اياً من هؤلاء الحكام.
في ذلك الحين كان المواطنون في هذه الدول فرحين بالعملية الفريدة، وتعاطوا معها بكثير من الجديّة، والإقبال على الاقتراع. غير ان التجربة الانتخابية الثانية، التي جاءت في خضم الثورات العربية، كشفت لهؤلاء المواطنين أنه ليس بالانتخابات وحدها تُصنع الديموقراطيات. فجاء الإقبال على الاقتراع ضعيفاً، رغم بعض التحسينات التي لجأت إليها بعض الدول، وخصوصاً الإمارات التي زادت عدد المقترعين، من دون أن تصل إلى حد السماح لجميع المواطنين بالإدلاء بأصواتهم.
لا شك أن هذه الدول ساعية إلى تجنب المد الثوري من الوصول إلى أبوابها، وتعمد إلى اعتماد صيغ ديموقراطية شكلية لإرضاء الذين قد يطالبون بالحريّة. لكن من المؤكد أن مثل هذه الصيغ لا ترتقي إلى مصاف العملية الإصلاحية الحقيقية. الأمر لا يعدو كونه شبهة ديموقراطية لا أساس لها من الحقيقة، وخصوصاً في ظل اعتقال ومحاكمة نشطاء المجتمع المدني والمدونين بعيداً عن رقابة المنظمات الحقوقية.
الانتخابات لا تصنع ديموقراطية، هذه حقيقة لا بد أن تدركها الأنظمة الساعية إلى تجنب كأس الثورات. فالدول التي سقط حكامها كانت تنظم انتخابات دورية وطوال عشرات السنين الماضية، لكنها لم تكن إلا تُصنّف في الإطار الديكتاتوري. للديموقراطية أصولها تبدأ من حرية التعبير وتشكيل الجمعيات والأحزاب وتمكين المواطن من إسماع صوته، وإعطائه الإحساس بقدرته على التأثير، وربما الوصول إلى السلطة التي تحتكرها الأسر الحاكمة في الممالك والإمارات النفطية.
كل هذه المعطيات لا بد أن تكون سابقة للعملية الانتخابية، التي من المؤكد أنها تأتي في الحال هذه صورية، ولا تصنع إلا شبهة ديموقراطية من دون أساس.