في أحدث مظاهر الاضطرابات المالية في أوروبا، بدأت الشركات ذات المخاطر العالية في المنطقة بتجاوز البنوك والمستثمرين في الداخل واللجوء إلى الولايات المتحدة للحصول على قروض.
فقد اقترضت الشركات الأوروبية نحو 18 مليار دولار بالأسعار الحالية في سوق الاستدانة، كقروض من الولايات المتحدة هذا العام حتى يوم الجمعة، أي أكثر من ضعف القيمة التي سجلها إجمالي العام 2011، وفقاً لبيانات مؤسسة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني.
ويعتبر هذا المبلغ هو الأكبر منذ العام 2007 على الأقل، في ذروة الطفرة الأخيرة في الإقراض والاستدانة، عندما بلغ حجم القروض لسنة كاملة 12.2 مليار يورو، وفقاً لستاندرد أند بورز.
في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ”وول ستريت جورنال” إلى أن الشركات التي لديها تصنيفات ائتمانية غير عالية أو غير استثمارية تستخدم سوق الاستدانة والقروض، مما يجعلها حساسة بشكل خاص لأزمة الديون في أوروبا، التي دخلت عامها الثالث.
في أوقات الازدهار، تتحكم عمليات التمويل لعمليات الدمج والتملك في هذا السوق. لكن الآن، وفي الوقت الذي تتردد فيه الشركات إلى حد كبير بعيداً عن عمليات الاندماج والاستحواذ. وتتألف معظم الصفقات الأخيرة من مبادلات لقروض قديمة بأخرى جديدة.
ازداد منسوب الخوف والتوتر بشأن أوروبا في الشهر الماضي، فالإنتخابات التي جرت في اليونان في وقت سابق من هذا الشهر أثارت مخاوف من أن تضطر البلاد إلى الخروج من منطقة اليورو، فيما من المقرر إجراء انتخابات جديدة في 17 يونيو/ حزيران المقبل.
في هذه الأثناء، تتعمق المخاوف بشأن صحة بنوك اسباينا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وأعبنت الحكومة الاسبانية يوم الجمعة تأميم واحدة من أكبر المؤسسات المقرضة في البلاد بسبب القروض السيئة. وأثارت هذه الخطوة مخاوف من أن تكون تكلفة إعادة تأهيل القطاع المصرفي الاسباني مرتقعة جداً، الأمر الذي سيصعب على البلاد احتماله.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد المخاطر بالنسبة للشركات الأوروبية هي أن ازدياد المعروض من قروض الاستدانة من شركات الولايات المتحدة، يؤدي إلى تلاشي الطلب على الديون الأوروبية. وهذا الأمر يمكن أن يحد من خيارات التمويل للشركات الأوروبية، ويسبب بارتفاع تكاليفها.
ويقول فريدريك حداد، شريك ومدير محفظة القروض في “غولد تري” لإدارة الأصول في نيويورك: “لأغراض عملية، ستغلق أسواق الائتمان في أوروبا، وستكون الشركات بحاجة الى ايجاد وسائل أخرى”.
العديد من الشركات الأوروبية التي تعاني من احتياجات اقتراض كبيرة، مثل مجموعة “فورمولا وان” للسباق ومجموعة “انيوس” الكيميائية المحدودة، حولت اهتمامها إلى الولايات المتحدة في الاسابيع الاخيرة لايجاد مشترين لما لا يقل عن نصف قروضها.
وضعت “انيوس” أكثر من ثلاثة أرباع مبلغ 3 مليارات دولار في الولايات المتحدة. وأرادت الشركة السويسرية بيع أكثر من صفقة في أوروبا، إلا أنها أدركت أنها لن تجد ما يكفي من الطلب. وأشار شخص مطلع على المسألة إلى صعوبة بيع هذه الصفقة في أوروبا، معتبراً أن البحث عن قرض في الولايات المتحدة يعتبر أكثر مرونة من القروض الأخرى.
وقال كين يونغ، المدير الإداري البارز في شركة “سي في سي” التي تملك الـ “فورمولا وان” إن الشركات الأوروبية تتعرض لضغوط لتنويع تمويلها، مشيراً إلى أن ذلك يؤدي الى ارتفاع الكبير في قروض الاستدانة في الولايات المتحدة.
ويقول بعض المصرفيين إن هذه الاتجاهات يمكن أن تستمر، خاصة إذا اسفرت انتخابات الشهر القادم اليونانية عن نتائج قوية من قبل الأطراف المعارضة لخطة الانقاذ الدولية.