- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مصر: لا للخطيئة الثالثة

حسام كنفاني

ما أفرزته االانتخابات الرئاسية المصرية في دورتها الاولى لم يكن مفاجئاً جداُ لكثير من العارفين بالشأن المصري، او لمن يعيش وسط الهم اليومي في القاهرة أو أي مدينة مصرية أخرى. فـالغالبية الصامتة، التي اصطلح على تسميتها بـ”حزب الكنبة”، تشكل نسبة كبيرة من الشارع المصري، وهي لم تخف امتعاضها من حال “عدم الاستقرار” الذي شهدته مناطق مصرية عدة، وإن لفترات متقاطعة. “عودة الاستقرار” كان عنوان تصويت هذه الفئة، التي يحمّلها الكثيرون مسؤولية وصول أحمد شفيق إلى جولة الإعادة.

لكن المسؤولية لا تقع على عاتق هذه الفئة فقط، بل الثوار أنفسهم، بأطيافهم اليسارية والليبرالية والإسلامية، يتحملون المسؤولية أيضاً من أوجه متعددة. بدايه من الإهمال الذي تعاطوا فيه مع هذه الفئة من الشارع، بل وحتى سخروا منها في كثير من الأحيان. لم يحاولوا استقطابها أو إقناعها أنهم يحملون رؤية واضحة لغد أفضل، بل تلهوا بما يمكن تسميته “صدام الرؤى” الذي أوصلهم إلى حد التناحر وشرذمهم في اليوم التالي لسقوط حسني مبارك، بحيث لم يتمكنوا من التوافق على برنامج واحد. التناحر كان له انعكاس في الشارع دفع الكثيرين إلى “الكفر” بالثورة والحنين إلى عهد سابق عنوانه الأمان، مسقطين عناوين السرقة والفساد والتعذيب، التي كانت أساساً الدافع إلى الثورة.

عند هذه النقطة، الثوار أخطأوا ودفعوا الثمن في المرة الأولى. وتجربة الانتخابات التشريعية التي خاضوها مشتتين لم تعلّمهم، ليكرروا الخطأ ويدفعوا الثمن في المرة الثانية في الانتخابات الرئاسية، بعدما قدموا مجموعة مرشحين تنازعوا الأصوات في ما بينهم، في وقت كان الطرف الآخر، سواء كان ممثلاُ بأحمد شقيق أو بمرشح الإخوان المسليمن، ملتفاً حول مرشح واحد أوصله في النهاية إلى الدورة الثانية. الحديث عن التزوير قد يكون له ما يبرره، لكنه بالتأكيد ليس السبب في النتيجة التي آلت إليها الدورة الأولى، وعدم تمكن حمدين صباحي أو عبد المنعم أبو الفتوح من العبور إلى الإعادة، بعدما خطف هذان المرشحان الأصوات من طريق بعضهما البعض، فاتحين الطريق أمام شفيق للمرور.

الاحتجاجات اليوم والتظاهرات لن تقدّم او تؤخّر في النتيجة شيئاً، بل ستزيد من فرص شفيق وتحفّز المزيد من أعضاء “حزب الكنبة” للنزول إلى لجان الاقتراع في الدورة الثانية للتصويت لإعادة النظام السابق. قد تكون الفرصة اليوم هي الأفضل لبناء تحالف من كل القوى التي شاركت في الثورة، ومن ضمنها الإخوان المسلمين، ولا سيما أن الأخيرين بحاجة إلى كل صوت متوفر في الدورة الثانية. تحالف مبني على اتفاقات مسبقة تفسّر عدم الثقة التي قام مع التنظيم الإسلامي في الفترة الماضية. مثل هذا التحالف أو الاتفاق قد يكون الوسيلة الأنسب لتجنّب الخطيئة الثالثة، وهي المقاطعة.