- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الرسوم المسيئة للاسلام في المانيا: حملات انتخابية تنتصر للتعصب

اعتبرت صحيفة “دير شبيغل” أن المسلمين السلفيين في ألمانيا أصبحوا مرة أخرى في دائرة الضوء. فمنذ أوائل شهر أيار/ مايو، لم يبق مسؤول سياسي إقليمي أو وطني في هذا البلد إلا واقترح سبلاً جديدة للتصدي للمجموعة المتطرفة من الإسلام أو الحديث في الصحف عن مدى انعزالية هذه الجماعة عن التيار الرئيسي.

فقد أشارت الصحيفة الى أن الساسة الألمان ووسائل الإعلام بدأوا يركزون في اللآونة الأخيرة على واقع المسلمين السلفييين في البلاد، ليس لأسباب سياسية أو دينية، بل لأن الاتحاد اليميني المتطرف في وستفاليا- شمال الراين، نظّم مسابقة رسوم كاريكاتورية معادية للإسلام، قبل انتخابات الولاية في الشهر الماضي وتسبب باستياء عارم في الأوساط الاسلامية.

واجتمع، الأسبوع الماضي، وزراء الداخلية من 16 ولاية في ألمانيا، في مؤتمر من المقرر عقده بصورة منتظمة مع وزير الداخلية هانز بيتر فريدريش، على أن يكون حازماً على نحو متزايد في التعامل مع السلفيين.

ونقلت الصحيفة عن رئيس الاتحاد اليميني المتطرف في وستفاليا- شمال الراين أن الأحزاب الصغيرة تعاني دائماً من الصعوبات في وقت الانتخابات”، مضيفاً: “لدينا صعوبة في التنافس مع الأحزاب الكبيرة، وكان لا بد لنا من ايجاد سبل مؤثرة وبنسبة صغيرة نسبياً من الموارد”.

قبل منتصف أيار/ مايو، عشية انتخابات شمال الراين وستفاليا، الولاية الأكثر كثافة بالسكان في ألمانيا، اعتمد بيشيت استراتيجية تتمحور حول حملة من الاستفزاز. فأطلق مسابقة الكاريكاتير، وجمع نحو 400 من الفنانين وهواة الرسوم الكاريكاتورية، بهدف إيجاد أقوى نقد لاذع ممكن للإسلام.

وقررت المجموعة عرض الصور والرسوم الكاريكاتورية الفائزة أمام المساجد والمراكز الإسلامية، وسميت الجائزة الكبرى “كورت فيسترغارد”، تيمناً برسام الكاريكاتير الدنماركي الذي يعيش حالياً تحت حماية مشددة من الشرطة بسبب نشره واحدة من الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل عن النبي محمد في صحيفة يولاندس بوستن الدنمركية في العام 2005.

واعتبرت الصحيفة أن نتائج هذه الخطوة كانت متوقعة، فالمسابقة التي نظمها الحزب اليميني المتطرف ادت إلى موجة غضب عارمة لدى الإسلاميين، الذي يبلغ عددهم نحو 4 ملاييس نسمة في ألمانيا.

وفي 1 أيار/ مايو في مدينة زولينغن، القريبة من دوسلدورف، اجتمعت حشود من السلفيين في تظاهرة مضادة، استنكرت المسابقة المسيئة للإسلام، وأدت الصدامات مع الشرطة إلى جرح ثلاثة من رجال الأمن، بالإضافة إلى أحد المارة.

لكن هذا العنف والتوتر لم يكبح جماح الحزب اليميني المتطرف، الذي واصل عرض الرسوم الكاريكاتيرية، وتحديداً أمام أكاديمية الملك فهد، مدرسة سعودية في مدينة بون الألمانية.

كان السلفيون في الانتظار، فتحول اللقاء إلى صدام عنيف انتهى بجرح 29 شرطياً. ويقول بيشيت: “حتى تلك المرحلة، كانت الحملة الانتخابية في الولاية خالية من المضمون والمقترحات، ونحن، من ناحية أخرى، كنا قادرين على وضع شروط النقاش”.

واعتبرت الصحيفة أن موجة الغضب العارم ضد بيشيت، والتهديدات بالقتل التي تلقاها على خلفية حملته، جعلت منه ضحية في نظر الكثيرين، وهو أمر استثمره في حملته الانتخابية.

“إنه لمن العار أن يتم تحويل الضحية الى مرتكب الجريمة، لقد وصمنا كمن يحاول التسبب باندلاغ حرب أهلية”، يقول بيشيت، مشيراً إلى أنه لم يعتقد أن هذه المسابقة ستتسبب بالعنف الذي اندلع.

ورأت “دير شبيغل” أن الحزب اليميني المتطرف المعادي للإسلام، كان يهدف إلى استخدام هذه المسابقة كوسيلة للفت الانتباه. وعلى الرغم من خروج الأمور عن نطاق السيطرة في زولينغن، إلا أن الحزب قرر مواصلة حملته.

وقال المتحدث باسم الشرطة الالمانية هاري كولبي إن “الحملة أدت إلى استفزاز المسلمين على نطاق واسع. لكن مثل هذا الاستفزاز لا يبرر رد الفعل العنيف”.

من جهته، أدان وزير الداخلية رالف جاغر أعمال العنف، مشيراً إلى أنه “من المؤسف التعرض لضباط الشرطة، الذين كانوا هناك لحماية حرية التعبير، وأن ينتهي بهم المطاف في المستشفى”.

لكن اياً من هذا لم يقنع بيشيت بعدم صوابية حملته، فاعتبر ان ما فعله كان “انتصاراً للديمقراطية” على قوى الاستبداد، مشيراً إلى أن وزير الداخلية حاول مرارا وتكراراً منعه من عرض الرسوم الكاريكاتورية، لكن “إما أن تكون هناك ديمقراطية أو لا”.

وختم بالقول: “لا يمكننا أن نسمح للتعصب بالفوز. هكذا أفهم الديمقراطية”.