- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ديناميكية جديدة للانتفاضة السورية

سمير خوري

مرحلة جديدة تبدأ مع اعلان قوى سياسية وميدانية اتفاقها على تشكيل المجلس الوطني السوري وخطه السياسي العام وآلية عمله. جديدة على أكثر من مستوى:

– علاقة الداخل بالداخل. فصورة المعارضة المشتتة والعاجزة عن التوحد وصياغة تصور سياسي مشترك على إسقاط النظام والعناوين العريضة للبديل، وهي صورة استغلتها السلطة وإعلامها الى اقصى الحدود، لم تعُد قائمة. وهي صورة كانت تحول، مع القمع الشديد، دون انضمام شرائح واسعة متعددة من الطبقة المتوسطة وأهل المدينتين المركزيتين دمشق وحلب، الى الانتفاضة.

– علاقة الانتفاضة بقوى ما يُسمّى بالمعارضة التقليدية. إذ يُسقِط تشكيل المجلس الالتباس المديد حول نمط هذه العلاقة فتنقله من مستوى محاولة السلطة تحويل اختلاف تاريخ كل منهما إلى حساسية تنافسية وخصامية إلى مستوى علاقة التعاون والتكامل. وهذا سينزع من دعاة الحوار مع النظام ورقة مهمة ويزيد في عزلتهما.

– علاقة الانتفاضة والمعارضة التقليدية معاً بالمعارضة في الخارج، وذلك باتجاه اعتبار الخارج جزءاً من الداخل، الأمر الذي يعيق محاولات التشتيت ويجعل للخارج معنى ودوراً وقوة في الاوساط الدولية.

– سيكون لأول مرة بيد الانتفاضة هيئة مُوَحِدّة وموحَدة وشرعية تستطيع الحوار مع الخارِجَيْن الاقليمي والدولي واتخاذ القرار بشأن مساراته، الأمر الذي يستجيب لطلبَيْن داخلي وخارجي متصاعدين نتيجة امعان السلطة في خيارها العنفي الترهيبي الحصري وما يسفر عنه من بث صور لعنف ودموية النظام يصعب في عالم متواصل ومعولم تجاهلها.

– كما يؤدي ذلك إلى مقروئية واضحة للانتفاضة تتيح تقديمها والاعتراف بها بديلاً ممكناً ومسؤولاً للنظام الحالي بمجموعه رأساً وبنى. وفي الوقت نفسه حائلاً دون نفاذه إلى إغراقها في العنف والحرب الاهلية واللعب على وتر تهديد الاستقرار في الوقت الذي يتبين بوضوح أن النظام هو راهناً عامل رئيسي في تهديد الاستقرار وماضياً ضامناً مخاتلاً لاستقرار موهوم عبر ما غذاه وما يغذيه من علاقات مع ايران التي تستخدم عدم الاستقرار للهيمنة في الاقليم والتغاضي عن احتلال اسرائيل للجولان والتبريد التاريخي للجبهة معها، بما أدى ويؤدي إلى استفحال سياستها العدوانية الدافعة أيضاً نحو منع أي حل بنية الاحتفاظ بالأراضي المحتلة وضمان استمرار تفوقها الاقليمي.

– يعني النجاح في تشكيل المجلس قبل كل شيء نهاية الآلية الانشطارية التي بدا ان الانتفاضة والمعارضة دخلاها مع فوضى وازدياد تشكيل مجالس ضعيفة التمثيلية بمتوالية جبرية.

ربما لا يزال مبكراً توقع كل نتائج هذا الحدث. لكنه يقيناً تحولٌ كبير في مجرى الانتفاضة وربما بداية نهاية معادلة مأزقية سائدة قوامها وجود سلطة تستطيع الاستمرار بالقمع الدامي استناداً الى تماسك جهازها الامني وانتفاضة عميقة وشجاعة، لكنها لا تملك الوسائل لتحقيق هدفها بإسقاط النظام.