- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«نيويورك تايمز»: نُذر حرب أهلية في حمص

حمص، حماه، ادلب، جسر الشغور، وغيرها العديد من المدن السورية، شاركت بفعالية في الاحتجاجات منذ اندلاعها في شهر اذار الماضي. وفيما لا تزال بعض هذه المدن، محافظة على تعايشها الاجتماعي، إلا أن مدينة حمص، التي تعد ثالث اكبر المدن السورية، بدأ شبح الحرب الاهلية يخيم على احيائها، حيث عمليات القتل متبادلة بين النظام ومعارضيه.
وبعد الاشتباكات الطائفية التي شهدتها المدينة في شهر تموز الماضي وأودت بحياة عدد من السكان، جاء تقرير حديث لصحيفة «نيويورك تايمز» ليسلط مزيداً من الضوء على ما يجري في تلك المدينة،  حيث «دخل مدنيون مسلحون في اشتباكات ضد قوات الأمن وبات على ابناء الطوائف المختلفة التحسب من الأحياء التي يدخلونها». كما يسلط التقرير الضوء على ما يمكن ان يجري في عديد من المدن السورية الأخرى، ولاسيما أن حمص هي بمثابة صورة مصغرة عن سوريا، حيث غالبية سكانها من المسلمين السنة الذين يعيش في وسطهم اقليات مسيحية وعلوية.
وأكدت الصحيفة أن حمص التي كانت تعيش أجواء الاحتجاجات السلمية، شهدت في الأسابيع الماضية تحولاً حاسماً. وأوضحت الصحيفة أن «الوضع أصبح مغايراً عن الأيام الأولى للثورة السورية حيث كان يخشي المعارضون من بطش النظام، لينتقل هذا الخوف إلى النظام السوري بعد سقوط مؤيديه قتلى على يد المعارضين في حمص».
ونقلت الصحيفة عن طالب جامعي، رفض الكشف عن هويته، قوله “انتهت مرحلة التظاهر، ونحن الآن في مرحلة جديدة ومهمة”، فيما أشارت إلى أن المسلحين المنتشرين في المدينة لا يكتفون بالاشتباك مع قوات الأمن في بعض الأحياء أثناء محاولتهم إنقاذ المتظاهرين من الاعتقال، بل باتوا يعمدون إلى قتل من يشتبهون بمساعدته النظام.
وقالت الصحيفة إن أكثر الفصول كارثية هي سلسلة الاغتيالات التي راح ضحيتها الأسبوع الماضي عدد من أساتذة الجامعات والمتعاونين مع النظام، على عكس الفترة الأولى من الاحتجاجات عندما كان العنف يأتي من جهة واحدة وهي قوات الأمن، لكن المخاوف الآن تنتشر مع انتشار العنف في كل الاتجاهات حيث بدأ المتعاطفون مع الحكومة ومخبروها يسقطون قتلى.
وذكرت أن أحد هؤلاء القتلى، وهورئيس قسم جراحة الصدر في مستشفى المدينة الدكتور حسان عيد، وهو علوي من منطقة الزهراء،  قتل أمام باب بيته وهو يستعد للذهاب لعمله. وبعدما أشارت إلى أن صحيفة “العروبة” المقربة من الحكومة وصفته بأنه رمز الانفتاح وقالت إنه كان يعالج جرحى التظاهرات بدون تمييز، قال سكان منطقة سنية  لصحيفة “نيويورك تايمز” إنه كان يبلغ أجهزة الأمن عن الجرحى الذين يعالجهم.
وقال شخص اسمه رجب “عيد مسؤول عن مقتل كثير من الشباب، وهو يستحق القتل”. كما تم اغتيال شخص آخر يدعى أبو علي، وهو جامع قمامة في مكان ليس ببعيد عن مكان مقتل عيد، بعدما لاحقته اتهامات بأنه كان مخبراً لأجهزة الأمن.
وقال شخص اسمه أبو راغب “أبو علي ظل يخبر أجهزة الأمن وكان قتله ضرورياً”. وأضاف أن جلب معلومات عن المخبرين أمر سهل، فبالمال يكشف ضباط الشرطة عن كل شيء.
كذلك تحدث السكان للصحيفة عن أنه بعد قتل أبو علي، قُتل ثلاثة مدرسين علويين في مدرسة في حي بابا عمرو، قبل أن يتم العثور على محمد علي عقيل، وهو عميد مساعد في جامعة البعث في حمص، ميتاً في سيارته على الطريق السريع وسط تضارب في الروايات حول أرائه السياسية. ففميا نقلت «سانا» عن افراد من عائلته نفيهم أن يكون من معارضي النظام، قال الطلاب إنه أبدى تأييده للمتظاهرين وانتقد قيادة بشار الأسد في محاضراته.
وقال أحد طلابه على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» «صحيح أننا كنا نخاف أثناء محاضراتك، ولكنك كنت أستاذاً رائعاً، نم في سلام، ونحن لن ننساك».
كذلك ذكرت الصحيفة أن التوتر اشتد في المدينة لدرجة أن من ينتمي لطائفة معينة لا يستطيع دخول حي تسكنه طائفة أخرى. كما أن العلويين فيها صاروا يخافون، وهم ضحايا صورة نمطية سائدة، لأنهم بشكل وبآخر مرتبطون بالنظام ولو بطريقة غير رسمية.
أما مصدر السلاح المتواجد بين أيدي المحتجين، فأشارت الصحيفة إلى أنه «يتدفق عن طريق لبنان»، حيث الحدود يسهل اختراقها «من تركيا، السعودية وحتى قطر». اما طبيعة السلاح، فأوضح أحد المقيمين في حي الخالدية انه يتألف من «قذائف صاروخية وبنادق كلاشنيكوف»، مدافعاً عن تواجده بين أيدي هذه المجموعات بقوله «ينبغي أن يكونوا مسلحين، إنهم يحموننا».
وبينما أكدت الصحيفة أن كثيراً من سكان حمص يشعرون بالفخر لوقوفهم بوجه النظام، أشارت إلى أن هذه التحولات التي شهدتها المدينة كانت موضع معارضة العديد من الاشخاص والمحللين، الذين يخشون أن تمنح الأحداث الأخيرة  ذريعة للنظام لمواصلة قمعه الوحشي وتشكل ورقة رابحة في يده، بحيث يسمح له بمداهمة المدينة عسكرياً.
وخلصت الصحيفة في تقريرها إلى أن  مشاهد القتل وتأجج المشاعر الطائفية تقدم رؤية أكثر كآبة حول مستقبل الثورة السورية، مع انتهاء مرحلة التظاهر وبداية القتال، بعدما مزقت الاحتجاجات وأعمال القمع الروابط بين مختلف الطوائف، وصولاً إلى حد طلب إحدى النساء، وتدعى ام خالد وتعمل كجزارة، من “المجموعات المسلحة ان يجلبوا لها جثث العلويين القتلى لتقطيعها وتقديمها إلى زبائنها”.