- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

طي صفحة الصداقة الفرنسية القطرية؟

...على درج الإليزيه

باريس – بسّام الطيارة
«صدفة خير من ألف ميعاد»، ينطبق ذلك على التوازي بين موعد استقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لرئيس وزراء قطر حمد بن جاسم، وبين صدور عدد الاسبوعية «كنار أنشينه» حاملة تقريراً للاستخبارات الفرنسية نشرته تحت عنوان «صديقنا القطري يمول الإسلاميين في مالي».
لم يعد سراً في باريس أن الإمارة النفطية باتت أكبر ممول للحركات الإسلامية في العالم وخصوصاً للإسلاميين السلفيين في بلاد الساحل أي في ما بات يعرف بـ«مثلث الموت»، أي مثلث الحدود بين مالي والنيجر والجزائر. في تلك المنطقة التي بات تنظيم القاعدة يترعرع فيها ويبني علاقات يصفها ضابط بأنها «جذرية» مع أبناء المنطقة.
وتاريخياً، اعتبرت فرنسا هذه المنطقة «الحديقة الخلفية» لمصالحها في شمال أفريقيا، إن كان من ناحية اقتصادية حيث مناجم اليورانيوم والفوسفات والنفط، أو من ناحية استراتيجية حيث وقعت فرنسا مع معظم دول الساحل الأفريقية اتفاقات دفاعية. ولعل ذلك هو سبب استهداف الحركات الإسلامية المتطرفة وخصوصاً تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» لفرنسا الذي يحتجز مجموعة من الرهائن الفرنسيين.
وفي حديث لـ«أخبار بووم»، يقول سياسي فرنسي، كان عضواً في اللجنة البرلمانية للقوات المسلحة، إن منسق الاستخبارات الفرنسية، برنار باجوليه، جاء أمام اللجنة  قبل أسابيع يحذر «من أن منطقة الساحل تتحول إلى أرض جهادية». وقارن بين هذه المنطقة وبين أفغانستان أيام حكم طالبان. وما قاله لم يكن غائباً عن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي صرح أمام السفراء قبل سنتين، «لن أقبل بأن يتمركز تنظيم القاعدة على أبوابنا»، ومع ذلك لم «ينتبه» ساركوزي عندما اندفع لإزاحة نظام القدافي إلى تنبيهات «استخبارات العالم الغربي» التي حذرت من «تدفق الأموال القطرية» على منظمات متطرفة سمحت لها بشراء مخلفات الجيش الليبي المتبعثرة في الصحراء الغربية.
وبالعود إلى لقاء هولاند وبن جاسم، يقول مصدر في الإليزيه إنه تم خلال المقابلة استعراض عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في مقدمتها تطورات الأوضاع بالمنطقة وحول المزيد من التطور والنمو في مختلف مجالات التعاون، ولا سيما الاستثمارية. وشدد المصدر على أن «العلاقة هي علاقة بين دولتين».
مجرد هذا التأكيد البديهي يعتبر إشارة إلى تغيير كبير، بعدما كانت العلاقة بين «ساركوزي والأمير» التي توطدت رغم أن أجهزة الدولة كانت تحذر من «التصرفات القطرية»، ليس فقط في الساحل الأفريقي عبر تمويل الحركات السلفية، بل أيضا في فرنسا حيث بدأت سفارة الإمارة (بمباركة ساركوزي والدوائر القريبة منه) «التواصل مع الضواحي الباريسية »إلى جانب استثمارات يصفها سياسي فرنسي بأنها «مست قطاعات استراتيجية في الصناعة الفرنسي».
ولكن هل فتح هولاند ملف الرهائن والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مع حمد بن جاسم؟ يقول مصدر دبلوماسي متابع إن «الأنظار اليوم شاخصة نحو الملف السوري». ورغم الخوف من الدور الذي يمكن أن يلعبه السلفيون في سوريا إلا أن «الدوحة وباريس» هما في صف «أصدقاء سوريا»، في إشارة إلى أن باريس تسعى لإنجاح المؤتمر الذي أعلنت عن عقده في باريس في السادس من الشهر المقبل… وبعد ذلك لكل حادث حديث.
إذ يرى الدبلوماسي بأن نجاح خطة كوفي أنان من دون التدخل عسكرياً كفيل بوقف الانزلاق نحو الفوضى وأن ذلك يساهم بقطع الطريق على مواصلة السلفيين تثبيت أقدامهم في سوريا.
وهنا يبرز أول تباين بين الدوحة التي «تريد التدخل العسكري المباشر أي الحرب» وبين «باريس ما بعد ساركوزي» التي تدعم خطة أنان «على علاتها» لتفادي الحرب.