- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ثائرات الزبداني ينتفضن حماية لأبنائهن ونصرة للثورة

الزبداني ــ صبر درويش خاص “برس نت”

لثائرات الزبداني، المدينة الواقعة إلى الغرب من العاصمة السورية دمشق، كلمة في الأحداث التي تجري اليوم في سوريا.

فهن، وليس غيرهن، من خرج إلى الشارع صارخاً في وجه الخوف، وحنجرته تنده: “يا حمص.. حنا معاكي للموت”..

فجأةً بات كلّ مكونٍ من مكونات المجتمع السوري، معنياً بفعل التغيير الجاري العمل عليه، ولنساء سوريا ما لرجالها من دور في فعل التغيير هذا. وهو شيء يثير الدهشة في مجتمع حكم بقبضة أمنية على مدار ما يقرب من نصف قرن.

تقول إحدى الناشطات: “عندما خرجنا في أول مظاهرة لنا، انتابنا شعور غريب، شيء ما مختلف حدث لنا، إنها حياة جديدة بالمعنى الدقيق للكلمة”.

أصبحت مشاركة النساء في تظاهرات الزبداني أمراً معتاداً، حتى أنهن نظمن اعتصاماً كبيراً للمطالبة بالمعتقلين، وهو الشيء الذي أفضى إلى الافراج عن أغلبهم فيما بعد.

تقول أم سالم، إحدى أبرز ناشطات الزبداني: “عندما قررنا الخروج في مظاهرة للمطالبة بالمعتقلين، كانت تقطن إلى جانبنا عائلة ليست من الزبداني، فلم يكن لديها من يطالب بمعتقليها، فخرجت في المظاهرة نيابةً عنها للمطالبة بمعتقليها”، وتتابع “حتى أنني قمت بكتابة اللافتات التي عليها أسماء معتقليها في بيتي، وهو شيء كان بالنسبة لي أمراً طبيعياً، فكل الثوار هم أبناؤنا”.

تروي لنا أم سالم أنه “في هذا الاعتصام بالتحديد، أصرت الناشطات على الوقوف في المقدمة، ودار جدال مع الشباب المتحمس، والكل يتنافس على الوقوف في المقدمة، إلا أن قرار ناشطات الزبداني كان حاسماً: نحن في المقدمة، ولن نسمح بأن يمس الأمن أحداً من أبنائنا”.

قدمت ثائرات الزبداني عدداً من المعتقلات، وفي إحدى المرات قامت قوات الأمن باعتقال ثلاثة من نساء الزبداني، فانتفضت على إثر ذلك المدينة بأكملها، وكانت رسالة واضحة لعناصر الأمن: نساؤنا خط أحمر!.

ولا تكتفي ثائرات الزبداني في المشاركة في تظاهرات شبه يومية، بل إن الثورة كشفت جوانب كثيرة كانت مخبّأة في أعماقهن، كما تقول إحدى الناشطات. فلا تقتصر مشاركتهن فقط على التظاهرات، بل يقمن بالتحضير لهذه التظاهرات من كتابة اللافتات، وحياكة الأعلام، وغيرها من مستلزمات التظاهرات. وتقول إحدى الناشطات ضاحكةً إن الثورة جعلت منهن “صحافيات، كما تؤكد ذلك جريدتهن “اوكسجين” التي تصدر كل خمسة عشر يوماً، وممرضات يساهمن في إسعاف الجرحى والمصابين، وإعلاميات بالمعنى الواسع للكلمة، ومغنيات للثورة”.

بالمختصر، شاركت ثائرات الزبداني في كل أشكال النشاط الثوري للثورة بما في ذلك المساعدات والإعانات المقدمة للنازحين وأسر المعتقلين وغيرهم ممن يحتاج للمساعدة.

أما الملفت للانتباه في كل ما يجري، فهو الإصرار الذي سيقع عليه المراقب، لدى الناشطات من أهالي المدينة، وتقول إحداهن: “اعتقلوا ابني في بداية الثورة، ثم ما لبثوا أن اعتقلوا أولادي الثلاثة دفعةً واحدة. وفي النهاية خرجوا جميعاً وعادوا إلى التظاهر كما في السابق”.

لا تقتصر الثورة السورية اليوم على إسقاط النظام الحاكم، بل تجاوزتها إلى إعادة هيكلة المجتمع بأكمله، ففعل التغيير هو فعل هدم لمرحلة هي الأسوأ في تاريخ سوريا، وإعادة بناء مجتمع وعلاقات اجتماعية جديدة يصح بأن نسميها فاتحة الدخول في عصر الحداثة، حيث لكل خلية في المجتمع دور في فعل التغيير والبناء.