- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هل تستحق محاكمات مجرمي الحرب كلفتها الباهظة؟

بعدما أودع الرئيس الليبيري تشارلز تيلر السجن 50 سنة على جرائم الحرب التي ارتكبها في سيراليون بشكل خاص، ازداد الحديث عن تكلفة مثل هذه المحاكمة التي وصلت حد الربع مليار دولار، وهو مبلغ خرافي إذا علمنا أن ميزانية سيراليون المخصصة لقطاع العدالة تبلغ 13 مليون دولار في أفضل الأحوال.

ففي ختام محاكمة استغرقت قرابة التسع سنوات، أدين تشارلز تيلر (الرئيس الليبيري من 1997 حتى 2003) في 26 الشهر الماضي بإحدى عشرة تهمة، تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في بلاده، ولكن في سيراليون المجاورة على وجه الخصوص وحكم عليه بالسجن 50 عاما.

لكن تكاليف هذه المحاكمة بلغت 250 مليون دولار. ومن هذه الزاوية تناولت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية محاكمات الطغاة مجرمي الحرب وتساءلت عما إن كانت أموال كهذه تبرر انعقادها لهولاء. وفي الصدد أوردت ما يلي:

* أن إجمالي الميزانية السنوية التي تخصصها دولة سيراليون لمختلف أذرع  العدالة في البلاد لا تتعدى 13 مليون دولار في أفضل الأحوال. وهذه ميزانية تشمل ايضا الأموال المخصصة للمحاكم على مختلف مستوياتها، وللشرطة، ولسائر اللجان المعنية بالخدمات القانونية وحقوق الإنسان، بالإضافة الى معاشات التقاعد.

* أن عدد القضاة في عموم سيراليون- عدا العاصمة فريتاون- لا يتجاوز 12 قاضيا. ويترأس هؤلاء الجلسات في ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف قضية جنائية في العام.

* أن النقص المريع في عدد القضاة والمحامين ومحققي الشرطة يعني أن نظام العدالة يسقط عددا من عتاة المجرمين تحت غرباله بدون عقاب. بل أن النقص في الأموال قد يعني تعذّر الاتصال بمجرد هاتف محمول بالشهود الذين تعتمد عليهم القضايا ويشكلون الحد الفاصل بين العدالة والظلم.

وما يعنيه كل هذا باختصار هو أن تكاليف محاكمة رجل واحد يدعى تشارلز تيلر في لاهاي تكفي لتمويل السلك القضائي في سيراليون لفترة 20 عاما متصلة. ولهذا السبب فإن المجلة تنقل اقتراح المعلّق الأميركي جستين ساندفير الذي يقول إن الحكم الذي توصلت اليه محكمة لاهاي كان ممكنا وبنفس القدر من النزاهة في مكان أقل تكلفة وبطاقم من ممثلي الادعاء أقل أجرا.

ويقر سانفير بأن المقصود من محاكمة رجل مثل تيلر لا يقصد من ورائها محاسبته شخصيا على أعماله وحسب، بل إلقاء الضوء أيضا على الإطار الكبير الذي يمثله وهو الإجرام في حق الشعوب ووجوب تصدي العدالة الدولية له ولأمثاله من الطغاة المشتتين بكثافة في مختلف أنحاء العالم خاصة الثالث.

لكن هذا الخبير يجادل أيضا بأن هذا الهدف الأكبر والأنبل نفسه كان قريب المنال بدون نوع التكاليف التي استدعيها «المحكمة الخاصة بسيراليون» في لاهاي (وهي الهيئة القضائية التي التأمت بجهود وتمويل فريتاون والأم المتحدة لمحاكمة تشارلز تيلر)، وتلك التي تستدعيها محاكمات لاهاي في ما يتعلق ببقية المتهمين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.