- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سقطت الدولة

نجاة شرف الدين

يكاد لا يمر يوم في لبنان ، ومنذ أسابيع عدة ، دون ان نسمع عن عملية إختطاف فردية أو جماعية، بعضها لأسباب فدية مالية والبعض الآخر لأسباب سياسية على خلفية الأحداث الجارية في سوريا  ، وتوزعت هذه العمليات بين الشمال والبقاع ما عدا عملية الخطف التي حصلت لأحد عشر لبنانيا ، أثناء عودتهم من زيارة المقامات الدينية في إيران ، وتم خطفهم بعد عبورهم الحدود التركية باتجاه سوريا على طريق حلب .

هذه الأجواء أججت التوتر في البلاد ، في ظل ردود فعل تظهر مباشرة عبر قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة ، ونصب خيم الاعتصام ، والتهديدات التي يطلقها أهالي المخطوفين ، لجهة التحرك بشكل فردي عبر عمليات خطف مضادة واستخدام  كافة الوسائل ، ويطرح السؤال  المركزي الذي يتردد على أكثر من لسان ” وين الدولة ” . وهنا كان لافتا ما قام به مؤخراً شقيق أحد المختطفين في عكار ، الذي ظهر على إحدى شاشات التلفزة ليعلن ، أنه والشباب نفذوا عملية خطف مضادة لسبعة شبان من الطائفة العلوية ، وهم لا يترددون من تسميتها ” استضافة ” لديهم حتى يتم إعادة الشقيق المخطوف  في وادي خالد .

هذا المشهد المعلن والمعروف المكان والزمان ، لم يكن الأول ، فكان سبقه مشهد مماثل في الهرمل عندما قام الجيش السوري الحر بخطف شابين من آل جعفر ، ما حدا بالعائلة الى الدخول للحدود السورية وخطف مجموعة من شباب الجيش السوري الحر ومبادلتهم . هذه المشاهد تحصل في لبنان حاليا ، وهي تنقل مباشرة على الهواء ، دون خوف من العقاب أو الحساب ، وفي المقابل يظهر أحد مسؤولي الدولة ليبرر ردود الفعل هذه ويعرب عن تفهمه لها  ،  إنها بالفعل حارة كل مين إيدو إلو ، وكل يأخذ حقه بيده ، وعندما يعجز عن ذلك يقول ” وينيي الدولة ” .

على إيقاع عمليات الخطف هذه والتوتر الناجم عنها ، إنعقدت طاولة الحوار في قصر بعبدا بعد انقطاع لفترة  تسعة عشر شهرا ، برئاسة الرئيس ميشال سليمان ، وبغياب الرئيس سعد الحريري الموجود في الخارج ، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المقاطع للحوار ، في محاولة للقول ، إن الدولة لا تزال حاضرة وهي موجودة من خلال نتائج ما سمي ” إعلان بعبدا ” ، وعلى الرغم من إنقسام الآراء فيما يتعلق بالمشاركة في الحوار ، بين من إعتبر انه مضيعة للوقت لانه لم يحدد بندا أساسيا وهو السلاح ، ومن رأى فيه مكسبا لقوى الثامن من آذار ، إلا ان هناك إجماعا ظهر في الاعلام على إعتبار ان مجرد عقد الاجتماع يخفف من الاحتقان في الشارع ، دون المراهنة على إنجازات سياسية ، وهو ما ظهر في البيان الختامي لجلسة الحوار ، الذي شدد على  التزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الاهلي والحؤول دون اللجوء الى العنف والانزلاق بالبلاد الى الفتنة، ودعوة  المواطنين بكل فئاتهم للوعي والتيقن بان اللجوء الى السلاح والعنف مهما تكن الهواجس والاحتقانات يؤدي الى خسارة محتمة وضرر الى جميع الاطراف ويهدد ارزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الاجيال الطالعة، وكان اللافت في البيان ، الدعوة الى  العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام للقانون والمؤسسات الشرعية لحل اي خلاف او اشكال طارئ و دعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الاهلي والمجسدة للوحدة الوطنية وتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الامنية الشرعية من التعامل مع الحالات الامنية الطارئة وفقا لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والامنة والاستقرار.
إنتهت جلسة الحوار الى الاتفاق على جلسة أخرى تعقد في الخامس والعشرين من الجاري ، واستمرت عمليات الخطف  والتبادل أيضاً في غير منطقة ، الدولة قالت كلمتها بإنها حاضرة
ودعت مواطنيها للتعاون واحترام المؤسسات ، والمواطنون قالوا كلمتهم ” لقد سقطت الدولة ” واستمروا بممارسة طريقتهم القبلية في أخذ حقهم بيدهم  ، إنه حوار الطرشان ، في بلد مصاب بالعمى …