معمر عطوي
بعد مرور أكثر من قرنين على صدور “ديوان الشرق والغرب”، للشاعر الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته (1749-1832)، تتواصل محاولات بعض المثقفين والأكاديمين الألمان، بالتعاون مع زملاء لهم عرب يعيش بعضهم في ألمانيا، لترجمة كنوز الأدب العربي وقصائد شعريّة لشعراء معاصرين.
لقد لعب الاستشراق الألماني دوراً كبيراً في نقل الكثير من الكتب الأدبية والدينية والتاريخية والمدونات والمخطوطات النفيسة لدى العرب، إلى اللغة الألمانية، فبات الألمان في جامعاتهم على معرفة ببعض العناوين الرئيسة لأمهات الكتب العربية. لكن حركة نقل الشعر العربي الحديث بقي لها من يهتم بها، فقد أخذ الصالون الشعري العربي- الألماني، بالتعاون مع قسم اللغة العربية في جامعة بون، على عاتقه انتقاء وترجمة بعض الأعمال وتنظيم ندوات وأمسيات شعرية مشتركة.
الدكتور سرجون كرم، أستاذ اللغة العربية والأدب في “معهد الدراسات الشرقية والآسيوية” في “جامعة بون”، بادر بالتعاون مع طلابه الى اختيار ديوان شعري للشاعر اللبناني نعيم تلحوق، بعنوان “يغنّي بوحاً”. وعمل على ترجمته كباكورة عمل مشترك تم بين المعهد الجامعي والصالون الشعري العربي الألماني.
الترجمة صدرت عن دار «شاكر ميديا» في مدينة آخن الألمانية، بعنوان Gesang und Enthuellung، وتمثّل أول الغيث لسلسلة أعمال منوي ترجمتها من العربية إلى الألمانية.
كرم، الذي نقل بالاشتراك مع أحد طلابه الألمان، جويل هولند، ديوان تلحوق الى العربية، تحدث عن هذه التجربة الغنية، قائلاً “جرى توزيع قصائد لـ 20 شاعراً عربياً على الطلاب الألمان الذين يدرسون الأدب العربي في الجامعة، واختيرت مجموعة الشاعر تلحوق للترجمة، ليصير ديوانه “أول عمل لبناني يترجم كمجموعة شعرية كاملة، لا كقصائد متفرقة، الى الألمانية”.
وكرم، الذي يمتلك صنعة الشعر، الى عمله الأكاديمي، والذي قصد ألمانيا منذ 12 عاماً لإنجاز أطروحة الدكتوراه في الأدب العربي، سبق له أن ترجم “تراجيديا المنصور”، للشاعر الألماني هاينرش هاينه، ونشره بالعربية والألمانية. كما ترجم قصائد للشاعر الإماراتي عبد العزيز جاسم إلى الألمانية، وبعض القصائد للشاعرة المصرية فاطمة ناعوت، لإلقائها في مهرجان برلين الشعري.
عن أسباب اختياره لديوان تلحوق، يقول كرم، الذي حاز أيضاً دبلوماً في الأدب الألماني: «قررنا أن نخرج من الأسماء المُستهلكة ونبيّن أن هناك شعراء من ذوي الوزن والقيمة. نعيم تلحوق يملك تجربة الصورة الشعريّة، وإيروتيك التصوف، والمعاناة الداخلية التي تظهر في قصائده”.
أما في ما يتعلق بنشاطات «الصالون الشعري العربي الألماني» وقسم اللغة العربية في «جامعة بون»، فسيطلَق مهرجان للشعر العربي في المدينة نهاية العام الجاري. والمهرجان هو الخامس في سياق سلسلة مهرجانات انطلقت عام 2005 في ميونخ ومرت على دمشق وبون.
لن تتوقف طموحات كرم، صاحب ديوان “أبي فراس الهذياني”، عند ترجمة ديوان واحد فقط، فها هو يصبو حالياً إلى ترجمة بعض أعمال الشاعرات الخليجيات.