- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

علّوش و”المقصلة” السعوديّة

زاوية حادّة
حسام كنفاني
لم تقف إجراءات القرون الوسطى السعودية، من إعدامات بقطع الرأس أو قطع الأيدي أو الجلد، عند حدود المملكة، بل تعدتها إلى لبنان، لتطال القيادي في تيار “المستقبل”، مصطفى علّوش، الذي جاهر بمعارضته للإجراءات العقابية السعودية بحق إحدى النساء التي قادت السيارة. علّوش لم يقل أكثر من توصيف طبيعي لحكم جلد المرأة، ووضعه في سياقه الطبيعي “الإجرامي”.
لا شك أن ما قام به علّوش يعد شجاعة، حتى وإن جاء في إطار تفسير الدعم المطلق للحرية اينما كانت، وخصوصاً في سوريا. فما قاله النائب اللبناني السابق كان للتأكيد أن دعم حرية الشعوب ليس انتقائياً، بل هو عام، ولا يقف عند حدود التحالفات والمصالح.
شجاعة علّوش قد تكلّفه الكثير في المرحلة المقبلة، ولا سيما إذا صحت الأنباء عن تعليق عضويته في تيار “المستقبل”. فالرجل ينتمي إلى تيار مرتبط عضوياً بالمملكة وخادم الحرمين الشريفين وغيرها من الألفاظ التبجيلة المطلقة على العاهل السعودي. وقدرة علّوش على قول رأيه ليست عامة لا في تيار “المستقبل” ولا في غيره من التيارات والأحزاب المرتبطة عضوياً بتحالفات مالية وسياسية إقليمية.
ما قاله النائب اللبناني السابق أغاظ قيادته، وفي مقدمها سعد الحريري، غير القادر على الخروج من الكنف السعودي خصوصاً والخليجي عموماً، وهو ما سبق ان تظهّر في مواقف أعضاء “تيار المستقبل” من الثورة في البحرين وعمليات القمع الجارية هناك، إذ لم يخرج اي مسؤول ليعلن صراحة إدانته لما تقوم به سلطات المنامة.
“المستقبل” سارع إلى إرضاء الراعي السعودي، وأقدم مباشرة على معاقبة مصطفى علّوش، الذي كان إلى الأمس القريب يعد من صقور التيار في مواجهاته الداخلية ومواقفه التصعيدية، وخصوصاً تجاه حزب الله وسوريا والأزمة القائمة هناك. كان كلام علّوش ينزل برداً وسلاماً على قلوب زعيم التيار والقيادة السعودية، لكن حين تصل الأمور إلى انتقاد هذه القيادة وإجراءاتها التعسفية أو “الإجرامية”، كما وصفها علوش، فإن الوضع سيكون مختلفاً، وهو ما حصل بالفعل.
قد يكون موقف القيادي في “المستقبل” نابعاً عن قناعة، أو عن محاولة لإبداء نوع من التوازن في وقوفه إلى جانب الشعوب، لكنه في المطلق يعطي فكرة عن آخرين كثر من المنضوين في أحزاب وتيارات يسرّون ما لا يعلنونه، حفظاً للود السعودي والخليجي، أو المدد السوري والإيراني.