- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المرأة ودروس الربيع العربي

إميلي حصروتي
قد نكون على أبواب شتاء آخر والمطر يبعث على التفاؤل، لكن الشعوب التي عايشت الربيع العربي، بإمتداداته وإرتدادته، ستكون منشغلة عن الاستمتاع بدورة الفصول، بترجمة جديدة لواقع سياسي واجتماعي فاجأ صانعيه في بعض الأحيان. ماذا يعني اجتماعياً، أن يتغيّر نظام سياسي وتتغيّر معه منظومة عادات وقوانين باتت جزءاً من ثقافة الفرد؟ ماذا يعني العزم على البدء بورشة بناء اجتماعي جديد يحركه سلّم أولويات حديث، قائم على توافق شرائح المجتمع فيما بينها، على عقود اجتماعية جديدة؟ والأهم، كيف يمكن للمجتمع المدني أن يستفيد من هذه الإنفراجة التاريخية، والتي يمكن أن تعيد تشكيل كل نضاله وأسس هذا النضال؟
هذه الأسئلة تلقفتها الحركات النسوية، قبل غيرها، في عدد من دول الربيع العربي، فبدأت تعمل من دون كلل للاستفادة من هذا التغيير السياسي لتحقيق مطالبها المزمنة، وعلى رأسها حق المرأة بالمساواة بالرجل في الحقوق والواجبات، أي المواطَنَة الكاملة. وقد ذهبت غالبية هذه الحركات النسوية، في تمسّكها بهذه الفرصة، الى حدّ القول إنه لا ربيع عربياً ما لم يمتدّ ليحرّر القوانين المتعلقة بالمرأة ويلغي الذرائع المتعددة، التي استغلها المشرّعون منذ فجر الدساتير العربية لتهميش دورها. ثمّة من يعتقد حقاً أنها اللحظة المناسبة للمرأة لتطالب بتصحيح القوانين الجائرة التي تقصيها عن مواقع القرار المتقدمة، وعن المشاركة السياسية، وهناك حملات جدّية على مواقع التواصل الاجتماعي تندّد بتغييب المرأة في مجالس الثورات عن مقاعد القيادة والتخطيط للمستقبل.
منذ أيام قليلة، توقفت الأوساط النسوية عند مبادرة عاهل المملكة العربية السعودية الملك عبدالله بن عبد العزيز، والتي قضت بالسماح للمرأة السعودية بالحصول على عضوية مجلس الشورى وأعطتها حق الترشح للانتخابات البلدية والانتخاب. فكان هناك من رأى في هذه اللفتة الإصلاحية تأثيراً أكيداً لما يجري في المحيط العربي، قد يكون عجّل ربما بطرح هذه التشريعات، إلا أن منظمات حقوق الإنسان السعودية قابلتها بامتنان عميق، آملةً ان تكون باكورة سلسة قوانين أكثر ليونة وديموقراطية، في إحدى أكثر الدول تشدداً في موضوع حرية المرأة.
أخيراً، وفي ظل التزاحم الكبير من الجميع للإفادة من التغيير السياسي الذي أنتجه الربيع العربي، ومع الحذر من انزلاق هذا الربيع نحو فوضى قد تطيح بكل مكتسباته، تبقى المرأة ركناً أساسياً في أيّ بنية حديثة وديموقراطية يتمناها صنّاع القرار. وإن كان بعض من أضرّ بهم التغيير الحاصل يراهن على أنه سرعان ما ستذوب حماسة الثورات، وسيسعى الجميع للعودة إلى أحضان المألوف والمعتاد، وجب تذكيرهم أن السيدات العربيات هنّ اليوم أكثر إصراراً وتنظيماً من أيّ وقت مضى.