في السابع عشر من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، دعوة من مؤسسة “أدباسترز” الإعلامية، التي تضم مفكرين وناشطين ينتقدون كافة جوانب حياة المجتمع الأميركي الحديث، الى تنفيذ اعتصام، في حي مانهاتن تمهيداً “لاحتلال وول ستريت”، للتعبير عن الامتعاض من الأوضاع الاقتصادية المتردية واصرار السلطات الأميركية على دعم المصارف والشركات على حساب الفئات الأقل فقراً.
وبالفعل، حسمت مجموعة من الشبان والشابات قرارهم بعدما انضموا إلى الحركة التي تجاهر بمعارضتها لخطة الانقاذ الاقتصادي لعام 2008، وقرروا نقل مقر اقامتهم إلى مقربة من المركز المالي الاهم في العالم، مستلهمين التحرك من الاعتصامات التي عمت العالم العربي في الأشهرالأخيرة، وفقاً لما اكده الناطق باسم المحتجين، تايلور كومبيليك، الذي أشار إلى أن “ما يجري هناك مستوحى من ميدان التحرير في القاهرة، وأن تحركات الربيع العربي كانت ملهمة لأبناء نيويورك، وكفى يعني كفى”.
وسرعان ما بدأ هذا النشاط يكتسب دعماً من قبل الأميركيين، ما ساهم في توسع خيم المحتجين، فضلاً عن انتشار احتجاجات مماثلة في سان فرانسيسكو، كارولينا الجنوبية، وشيكاغو ولوس أنجلوس، حيث نظم الثلاثاء نحو 800 متظاهر مسيرة وسط مدينة لوس أنجليس دعماً لمتظاهري حركة “احتلوا وول ستريت”. كذلك أقام ما يقارب 500 متظاهر مخيماً أمام بلدية المدينة، وسط دعوات من حركة “احتلوا وول ستريت”، التي ترفع شعارات “إن البنوك أُنقذت وإن الناس بيعت”، للمحتجين من مختلف هذه المناطق للتجمع في حي منهاتن، بعدما دخل التحرك أسبوعه الثالث، وذلك بهدف تأمين تدفق 20 ألف شخص على مانهاتن السفلى لاحتلالها لأشهر عدة من خلال نصب خيم وإقامة مطابخ وحواجز سلمية.
وحول الأسباب التي دفعتهم للنزول إلى الشارع، يقول احد المشاركين في الحركة التي تعهد اعضاؤها بالبقاء حتى فصل الشتاء “الاقتصاد ينهار في بلادنا، والناس يموتون جوعاً وليس لديهم وظائف، وعندما تسير في شوارع مانهاتن ترى المشردين تتزايد اعدادهم اكثر مما تتصور، الفكرة الخاطئة حول أن أميركا تعتقد انها واننا بخير، نحن لسنا بخير، ويجب على المزيد من الناس ان يتكاتفوا كما نفعل هنا والتظاهر من أجل حقوقنا وما نستحقه كبشر”.
بدورها، تقول احدى المشاركات “نحن مرضى ومتعبون من حقيقة أن البنوك والشركات تقوم بسرقتنا. نحن نخسر بيوتنا، ووظائفنا، فيما يجري خفض المنح، لهذا جئنا إلى هنا للتنديد بكل هذا”.
إلا أن الحركة تتعرض لانتقادات داخل المجتمع الأميركي، ولاسيما أنها لم تتوصل بعد إلى تحديد مطالب محددة، على عكس المشاركين فيها الذين تتعد مطالبهم وصولاً إلى دخول بعضها في دائرة عدم المنطق، مثل مطلب ازالة صورة الرئيس الاميركي الاسبق اندرو جاكسون عن الورقة النقدية فئة الـ20 دولاراً، بسبب وحشيته في التعامل مع الهنود الحمر.
من جهته، يقول المحلل الصحافي نيكولاس كريستوف، إن رفع شعار«احتلوا وول ستريت»، واختياره في حد ذاته ينطوي على كثير من السخف والهزل، ولو اقتصر على اسم «وول ستريت»، لكان افضل واكثر دقة. ويضيف “اذا نجح هؤلاء المحتجون الشباب، القادمون من هنا وهناك، في دفع الامور باتجاه تحقيق جرعة كبيرة من المسؤولية والعدل في النظام المالي الاميركي، فإن ذلك سيكون انجازاً كبيراً يعطيهم مزيداً من القوة والنفوذ، إذ لابد من اجراء اصلاحات مالية اصبحت ضرورية”.
(أخبار بووم)