- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الملف النووي الإيراني: حوار طرشان في موسكو

باريس – بسّام الطيارة
تعترف مصادر فرنسية مقربة من الملف النووي الإيراني بفشل مجادثات موسكو لحل النزاع الذي يثير توترا اقليميا واضطرابا في اسواق النفط. ولكن هذه المصادر لا تود الاعتراف بأن الجهود للتوصل إلى اتفاق قد لفظت أنفاسها الأخيرة، وهي تشير إلى «لقاء تقني» مقبل في ٣ من تموز/يوليو في اسطنبول من دون تحديد أي موعد لمحادثات سياسية. إلا أن أجواء التعليقات والتسريبات تشير إلى تراجع التفاؤل الذي ولّده لقاء بغداد الأخير، .
وتحدث ديبلوماسي غربي لـ«برس نت» حول ضرورة «متابعة المباحثات الديبلوماسية لتفادي العمل العسكري». وشدد على «وحدة ممثلي الدول الستة» في مواجهة «التعنت الإيراني» في إشارة إلى تضامن الروس والصينيين مغ القوى الغربية. وتبدو هذه الإشارة وكأن السنوات امنذ بدء المباحثات حول الملف النووي الإيراني، كانت لإقناع روسيا والصين وليس لتلين موقف إيران.

رغم ذلك فقد كشف أحد المشاركين في الاجتماع أن «وحدة المجموعة ٥+١ كانت في مواجهة  المفاوض الإيراني» إلا أنه في الجلسات الجانبية كان هناك بعض التباين وقد طالبت أكثر من دولة بـ«وقف المباحثات وترك العقوبات تفعل فعلها». وقد يفسر هذا عدم تحديد لقاء لمباحثات سياسية والاكتفاء بلقاء تقني، إذ يرى بعض المدراء السياسيين الذين يفاوضون مع إيران بأن وقف التفاوض «يعود لقرار في مجلس الأمن»، ولأسباب سياسية ومن هنا سلسلة اللقاءات المتتابعة من دون نتيحة.
وأكد الديبلوماسي أن الإيرانيين لم يتطرقوا هذه المرة لأي ملف جانبي يتناول القضايا الإقليمية مثل الأزمة السوري أو الوضع في البحرين كما حدث في بغداد. وأشار إلى أن اللقاء كان «مناسبة لشرح كل طرف فهمه لما يعرضه الطرف الآخر». وعلق خبير مقرب من الملف على أن اللقاءات باتت تشبه «حوار الطرشان»، ويعطي مثالاً على ذلك قول المفاوض الإيراني «توجد فتوى تحرم السلاح النووي إذا عليكم أن تقتنعوا بأننا لا نصنع سلاحاً نوويا».
إلا أن الرغبة في إظهار «عدم انقطاع حبل المباحثات» مشتركة لدى الفريقين حوفاً من إعادة خطر ضربة عسكرية كحل وحيد.
وعند التوصل إلى نتيجة مفادها أن التباعد في المواقف كبير وأن تراجعاً حصل في الموقف الإيجابي الذي أظهرته إيران في بغداد في عودة إلى مطالب سابقة مثل اشتراط رفع العقوبات قبل البحث بتسليم الوقود المخصب بنسبة ٢٠ في المئة واعتراف المجتمع الدولي بـ«حق إيران بالتخصيب» من حيث المبدأ.
ويبدو من خطاب المقربين من الملف برغبة ذات تلوين أميركي بعدم «دفع الملف الإيراني نحو حائط مسدود» بسبب الانتخابات الأميركية المقبلة، وضرورة إبقاء ملف التفاوض والمبحاثات مفتوحاً لتجنب الانتقادات في الكونغرس الأميركي ولاستعماله لـ«لجم أي ضربة عسكرية إسرائيلية»، من هنا يقول الديبلوماسي بأن «العملية الديبلوماسية هي الآن بديل عن العملية العسكرية» وأن هذه السلسلة من المباحثات «لا يمكن اعتبارها مكسباً إيرانياً بشكل تقطيع للوقت لأن العقوبات بدأت ترك أثراً ملموساً» على اقتصادها وعلى قدراتها الذاتية. وأشار إلى أن سلة العقوبات الأوروبية التي تدخل حيز التنفيذ في مطلع الشهر المقبل بعد أن يقرها مجلس الوزراء الأوروبي في ٢٥ من هذا الشهر سوف تكون قاسية جداً وسوف «تطال بشكل كبير تصدير النفط الإيراني».
وأشار خبير إلى أن « الجانبين أساءا تقدير صعوبة ما يفرق بينهما»، وقد أكد الديبلوماسي ذلك بقوله «كلما تقدمنا في التفاصيل كلما بانت سعة الخلافات بيننا». وقد سألت «برس نت» أحد المشاركين في اجتماع موسكو عن سبب البحث في اليوانيوم المخصب بنسبة ٢٠ في المئة والتشديد في نفس الوقت على «الانصياع الكامل لقرار مجلس الأمن» (full implementation) وبالتالي وقف التخصيب بنسبة الـ ٣،٥ في المئة؟ فأجاب بأن ذلك يدخل ضمن «مسار تفاوضي خطوة خطوة» أي بالحرف العريض حسب مبدأ «خذ وطالب».
ويعلق الخبير على ذلك بأن الطرفين يسعيا لكسب الوقت فطهران تنتظر الانتخابات الأميركية وكذلك واشنطن، ويسعى حلفاءها لخدمة أوباما وعدم إحراجه، وهو ما يناسب موسكو وبكين ويجنبهما اتخاذ قرارات مؤلمة. ويضيف متسائلاً ولكن هل يناسب ذلك تل أبيب؟