تونس – هارولد هيمان (خاص)
بين التاسع والعاشر من حزيران/ يونيو، قمت بزيارة خاطفة إلى لا مرسى لمشاهدة «هذا» المعرض الفني.
الإحساس العام هو أننا على «الكوت دازور» ولكن مع كم من الفن. الكثير من اللوحات الفنية كانت معروضة وحوالي ٢٥ في المئة منها تحمل «رسائل سياسية» أو تستهدف إشارات سياسية. بعضها كثير الانتقاد للأوضاع الحالية. وقد عقدت العزم على مشاهدة «كل شيء». ولكن استلفت نظري لوحة يمكن أن تكون «تجديفية».
هذه اللوحة تظهر قول «سبحان الله» وقد كتبت بواسطة أرتال من النمل تتوجه نحو شنطة للعبة صغيرة تمثل تلميذ، بالطبع يمكننا أن نجد في أماكن أخرى أعمالاً أكثر تجديفية،
إلا أن الملفت للنظر هو أن كافة الأعمال تتصدى للسلفيين ولبن لادن وتبرز وجوهاً بشوشة، ومنها لوحة لسيدة محجبة وقد كتب علي جبينها «أنا مسلمة، أنا مسيحية أنا يهودية … أنا من كل القوميات».
كثير من الأعمال تنتقد بن علي، فن بارز بطريقة لبقة وإن كان سياسي الأهداف. يمكن أن نرى ذلك في نيويورك وفي باريس. ولكن أن نراه هنا في تونس فإن ذلك مفرح وينعش الآمال.
تناولت القهوة مع صحافيين وصاحب غاليري افتتح مركزاً ثقافياً «خاصاً» في جربا. يمكن القول إن «أجواء لا مارسى المنعشة كانت أجواء كل تونس في ليلة ٨ حزيران/ يونيو هذه».
لم يخطر على بالي أن هذه الأعمال الفنية يمكن أن تكون هدفاً لأعمال شغب وتسبب هحمات على مخافر الشرطة. لقد حضر السلفيون في اليوم الأخير وصبوا جام غضبهم على تلك الأعمال المعروضة وخصوصاً لوحة المرأة المحجبة. بالطبع كانت موجة الاحتجاج منسقة ولم تكن عفوية إذ أن الأعمال كانت معروضة منذ أيام.
لقد قامت الحكومة التي يقودها «حزب النهضة الإسلامي» بقمع السلفيين وكل من استغل الفرصة للنهب والسرقة. ولكن الحكومة سارعت في اليوم التالي لإصدار قرارات بتجريم الاعتداء على المقدسات.
لم يكن ربيع الفنون قد بدأ. وهذا المهرجان الفني كان قد رفع شعار التهكم والحرية. وقد التقيت وزير الثقافة في المسرح البلدي في التاسع من الشهر خلال حملة جمع تبرعات للشباب الراغبين بالانطلاق في تأسيس شركات صغيرة. هذا المسرح كان مزينا بصور لنساء عاريات. وقد وقف الوزير تحت هذه الصور يناقش مع سجناء سابقين ومعارضين اضطهدهم النظام السابق.
هذا الوزير يمثل قانون تجريم الاعتداء على المقدسات. كيف سيكون هامش حريته في الأيام المقبلة؟