- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مرتزقة القذافي بين الحقيقة والشائعات

 

مرتزقة أم عمال مهاجرين ؟؟

مرتزقة أم عمال مهاجرين ؟؟

باريس ـ محمد بلوط:

ارتعد المزلاج الحديدي الضخم، وانبعث منه ضجيج اصطكاك المعادن، وزأرت مفاصل بابه المعدني الضخم، قبل أن ينشق عن طابور طويل من السجناء. والقى ثائر من كتيبة السابع عشر من فبراير، نظرة  استعلاء، حبس معها انفه من روائح نتنة وابخرة عفن متراكم تحررت من صفين طويلين من سجناء داكني البشرة انتظموا في ساحة سجن عسكري سابق، فر منه مؤيدو القذافي وحوله الثوار على عجل إلى معتقل.

وخلال الرحلة، التي قادت الصحافيين إلى سجن في ثكنة مهجورة إلى الشرق، اجتهد رجل اعمال وثري عائد من منفى في لندن على تقديم الفتيان، الذين اصطفوا مذعورين في ساحة السجن، بأنهم مرتزقة في جيش القذافي.

ولأن مدونة الأخلاق الإعلامية لا تسمح للصحافيين باستجواب معتقل أو تصويره، إذ لا حرية في الإجابة أو التعبير، اخذ الإعلاميون، الذين شغلتهم تساؤلات عن حقيقة وجود مرتزقة  في كتائب القذافي، بالتحايل على التزاماتهم الأخلاقية. وخارج الكاميرات، التي لم يقيد لها اكثر من التقاط الظهور أو ظلال المسجونين، اصغى الكثيرون لقصص “المرتزقة” ومسيرهم نحو سجن الثورة الليبية.

وقال أحدهم إنه سوداني في التاسعة عشرة من العمر، يدعى توفيق، وان مسلحين اعتقلوه خلال عودته من عمله إلى الغرفة التي يقيم فيها منذ سبعة اشهر بعد وصوله إلى بنغازي. ولم يتمكن السوداني، بعد شهر من اعتقاله، من الاتصال برب عمله، صاحب فندق يرتاده الصحافيون في بنغازي، حيث يقوم بأعمال التنظيف.

وقال المعتقل إن سجانيه أوسعوه ضرباً بعد اعتقاله، واتهموه بانه مرتزق يعمل لصالح كتائب القذافي، في حين انهم اعتقلوه داخل المدينة وليس على أي جبهة من جبهات القتال، ولم يعثروا في غرفته على اي اثر لأي سلاح.

وجلس إلى جانب توفيق صف من الفتيان، من جنسيات مالية ونيجيرية وغانية، لم يتجاوز معظمهم العشرين من العمر، وكان بينهم صبي في الرابعة عشرة داكن البشرة، قال إنه ليبي من الجنوب، لكن الثوار يتهمونه بأنه تشادي قاتل في صفوف كتائب القذافي. وروى الآخرون قصصاً مشابهة عن اعتقالهم، إما اثناء عودتهم إلى منازلهم من اعمالهم، او خلال اختبائهم فيها بعد نشوب القتال، بعدما أغلقت المحال والمؤسسات التي كانوا يعملون فيها.

ومنذ اندلاع الثورة قبل ستة اشهر حتى سقوط نظام القذافي، لم يكن بوسع الإعلام، الوقوف على دلائل تؤكد وجود مرتزقة في صفوف مقاتلي القذافي. ولم تتوقف مع ذلك الشائعات عن تجنيد كتائب القذافي الالاف منهم. واحصت منظمة الهجرة العالمية مليوناً ونصف المليون عامل اجنبي في ليبيا. وكان النظام السابق قد حشر الالاف من الافارقة في معتقلات متفرقة وفي ظروف سيئة. وكانت الدول الأوروبية قد وقعت اتفاقا مع الرئيس القذافي لمنع الهجرة غير المشروعة، وتشكيل حاجز امام صعود فقراء افريقيا باتجاه اوروبا، وزودته ايطاليا بزاروق لمراقبة سواحلها وحمايتها من موجات الهجرة.

ويقول الثوار إن المئات من هؤلاء تم تجنيدهم في قوات القذافي. وادت الشائعات عن الافارقة في مرتزقة القذافي إلى انتشار عنصرية ضدهم في كافة المدن التي دخلها الثوار. وشهدت مصراته حملات اعتقال واسعة. وتبرر سلطات السجون الحديثة انه من الأفضل إبقائهم قيد الاعتقال على اطلاق سراحهم، “للحفاظ على حياتهم وحمايتهم من الآذى”.