- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

تصعيد جوي

نجاة شرف الدين

مما لا شك فيه أن الحادثين الجويين اللذين حصلا الاسبوع الفائت في سوريا، إن لجهة الحدود الجوية الاردنية عبر إنشقاق الطيار السوري العقيد حسن مرعي الحمادة والذي دخل بطائرة “ميغ ٢١” ومنحته الحكومة الاردنية حق اللجوء السياسي يوم الخميس الماضي، أم لجهة الحدود الجوية التركية على خلفية إسقاط القوات السورية لطائرة إستطلاع حربية تركية من نوع “أف ٤” يوم الجمعة الماضي، شكلا تحولا في إدارة الصراع ما بين النظام السوري والمعارضة السورية والجيش السوري الحر، وأدخلا توترا إضافيا الى العلاقات السورية الاردنية والسورية التركية.

هذان الحدثان قفزا الى واجهة الاهتمام الاعلامي الدولي والعربي ولا سيما التركي، في محاولة لقراءة تداعياتهما على المشهد السوري، سيما وأن الأصوات قد علت بالتهديد بأن هذه الحادثة (الطائرة التركية) لن تمر من دون عقاب، واعتبرت الحكومة التركية “ان ما حصل عمل عدواني الى أقصى درجة”. فبعد عملية الانشقاق للطيار السوري الى الأردن، والتي شكلت ضربة للنظام ولو معنويا بالنسبة لجيشه، نجح هذا النظام ولو إعلاميا، في نقل المشهد الى الحدود السورية التركية، وإعتبر البعض أن هناك محاولة سورية بنقل المشهد ليس فقط الى الحدود بل الى خارج الحدود، من خلال تصعيد التوتر في العلاقة مع تركيا هربا من الضغط الداخلي الخانق للنظام في هذه المرحلة، وفتح جبهة خارجية تعزز من شرعية النظام الدولية والإقليمية، في حال نجح بإدخال قوى دولية من أجل العمل على ضبط النفس ووقف الصدام.

الاعلام الدولي والعربي الذي إهتم في التصعيد في المواقف ما بين تركيا وسوريا، ذهب في تحليلاته الى إعتبار ما حصل هو إعتداء على دولة عضو في حلف الناتو، وبالتالي فإن الاجتماع الذي يعقده الحلف بناء على طلب تركيا سيكون مقدمة لمرحلة تصعيدية باتجاه سوريا، ويذهب الموالون في دعم المعارضة السورية الى إعتبار أن ذلك سيكون بداية دخول لحلف الاطلسي على خط الأزمة، وهو الذي أعلن مرارا أنه لن يكون هناك أي تدخل عسكري في سوريا من الناتو. ف

ي المقابل، يعتبر البعض الآخر ان لا مصلحة للطرفين (أي سوريا وتركيا) بتجاوز التصعيد الكلامي ، ولذلك فإن تركيا حاولت التصعيد إعلاميا عبر عرضها في التلفزيون التركي لطيارين وضباط ومجندين من رتب عالية سوريين إنشقوا عن النظام وإلتحقوا بالجيش السوري الحر، وكما هو معروف فإن أنقرة تحتضن القيادة السياسية للمعارضة السورية ومعظم مؤتمرات المجلس الوطني السوري تعقد ما بين أنقرة وإسطنبول، إضافة الى وجود قيادة وعناصر الجيش السوري الحر في تركيا، وبالتالي فإن هذه الرسالة لم تأت بجديد في المشهد السوري.

وعلى الرغم من التفاوت في قراءة ما حدث بين تركيا وسوريا، من بعض الصحافة التركية التي إعتبرت الحادثة ” لعبا بالنار ” الى من رأى فيها تصعيدا باتجاه الخارج ورسالة روسية سورية مزدوجة، كونها أسقطت بأسلحة روسية، بعدم التفكير باستخدام وسائل عسكرية ضد سوريا، وصولا الى إعتبار البعض التصعيد في المواقف عبر التهديد بالعقاب، لا يعدو كونه ضجيجا إعلاميا، إلا ان الاعلام أجمع على واقعتين واضحتين في التصريحات التي إلتبست في بعض الاحيان، وهما ان الطائرة التركية كانت في المجال الجوي السوري، والثانية ان النظام السوري لم يوجه أي رسالة إنذار للطائرة قبل إطلاق النار عليها.

التوترات الجوية التركية السورية، فتحت معركة الجو بعد البر، فهل من الممكن ان يصل التصعيد في العلاقات بين البلدين الى مرحلة إعلان الحرب؟ أم هي غيمة صيف جوية عابرة يعلم الطرفان حدودهما في تصعيدها، فهي حتى ولو وصلت الى الجو، ستعود حتما في النهاية الى الواقع على الارض….