- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ديوان «أنقاض» للشاعر السوري «فرج بيرقدار» في سجن صيدنايا

ربما فاجأت الانتفاضة المستمرة في عموم سوريا منذ 16 شهرا كثيرين ولكن شعراء سوريين راهنوا على يقظة الشعب ذات يوم ومنهم فرج بيرقدار الذي تسجل قصائده المكتوبة في السجن منذ نحو 20 عاما أن “جثمان الحرية ما زال دافئا”.

ففي قصيدة (أنقاض) التي جعلها عنوانا للديوان وكتبها في سجن صيدنايا عام 1995 يقول “ما من قضية خاسرة إلا راهنت عليها-وما من رهان لم أنجح فيه بامتياز.”

وفي قصيدته (سوريا ليات) التي كتبها في السجن نفسه عام 1993 يقول “في هذه الجهنم العالية-في هذا المستنقع الحكيم-إذا أردت أن تمسك الواقع من قرنيه-والحقيقة من رحمها-فاقرأ.. صمت الناس. الليل منديل أسود-تنوح به الريح- يا إلهي.. ثلاثين عاما وجثمان الحرية لا يزال دافئا.”

ولكن قصائد بيرقدار لم يسمح بنشرها في ديوان قدمه كاتبه عام 2003 لاتحاد الكتاب العرب بدمشق الذي سجل في تقريرين أن القصائد “على جودة مستواها الأدبي تسيء إلى الروح القومية ولا تكتفي بالتلميح بل تصرح بالمعاناة وبأسماء السجون وهي تاليا مدانة وممنوعة من النشر” وهكذا ظل الديوان الذي كتب بين عامي 1993 و2000 سجينا.

وأصدرت دار الجديد في بيروت ديوان (أنقاض) الذي يقع في 111 صفحة متوسطة القطع.

ومن الأعمال التي تقطر مرارة تجربة السجن شجنا قصيدة (أنقاض) التي يقول في بعض مقاطعها “داخل كل سجن سجن آخر-الأول.. جغرافيا باردة-الثاني.. تاريخ يحترق.

“الصمت يذهب إلى الحكمة-الهذيان إلى الشعر-الجنون يذهب إلى أي شيء-فإلى أين يذهب الطغيان؟!… وماذا أيضا؟-عشت أكثر مما ينبغي-ومت أكثر مما ينبغي-وما من آلهة لم يهزمها يأسي-وتخجلها مغفرتي”.

وفي غياهب السجن يطل الصمت والخوف والغربة وتظل سوريا هي الحاضر الذي يخايل الشاعر وهو يلهث وراء الحكمة-الجنون.. ولكن سوريا لم تعد تلك البلاد التي يعرفها كما يقول في قصيدة (تثاؤب).. “ذات يوم ابتسمت الأرض-فكانت سوريا-أما الآن.. هاكم!-يا دينها كيف تتثاءب وهي تشهق وتزفر رمادا”.

ولكن سوريا لم تعد سوريا “ليست بلادي-هذه التي تتضوع كراهية-وتهرش راسها بالمجنزرات” وهكذا تنتهي قصيدة (إليكم عني) المكتوبة عام 1993.

ويسجل بيرقدار في نهاية الديوان تجربته في نشره إذ حذف كلمة “سجن” وأبقى على “صيدنايا” ولكن هذه الحيلة لم تجد صدى لدى لجنة القراءة التي قدمت تقريرين ليسا في صالحه “بالمعنى الأمني والسياسي… فقررت أني لن أنشر المجموعة إلا مع الإشارة الواضحة إلى أن جميع قصائدها كتبت في سجن صيدنايا العسكري.”

ويبدي دهشته من كاتبي التقريرين ويرى فيهما اتهامات تشبه ما وجهته إليه محكمة أمن الدولة العليا عام 1992 “ولكن يبقى الفارق الأبرز والأهم أن محكمة أمن الدولة مؤسسة سلطوية أمنية استثنائية بامتياز في حين أن اتهامات التقريرين جاءت من طريق شخصين يفترض أنهما مبدعان” ولو بحكم عضويتهما في اتحاد الكتاب.

ويرجح أن الاتحاد “انتبه إلى ضرورة وجود شعبة مخابرات ثقافية” تطوعا أو بالوكالة عن سلطة نظام الرئيس السوري بشار الأسد