- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

جنيف : تمديد للازمة أم فشل ؟

نجاة شرف الدين

في إجتماع جنيف المخصص لمجموعة العمل من أجل سوريا ، والذي غابت عنه إيران والمملكة العربية السعودية ، كان لافتا كيفية قراءة نتائج هذا الاجتماع والتفسيرات العديدة التي أطلقت من وسائل الاعلام ، حول ما تم التوصل اليه بشأن الأزمة السورية .
ففي حين إعتبرت التحليلات والمقالات ، لا سيما الغربية منها ، وبناء على تصريحات وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية هيلاري كلينتون وبريطانيا وليم هيغ وفرنسا لوران فابيوس ، ان الاتفاقية السلمية للازمة ، هي خريطة طريق، تؤدي الى  رحيل الرئيس بشار الاسد عن السلطة ، ذهب التفسير الروسي والصيني ليقول ، إن الاتفاق يدعو الى حكومة إنتقالية تشكل على أساس توافق متبادل وان الشعب السوري هو الذي يحدد مستقبل بلاده ،من دون إقصاء أي أحد من النظام ، وإعتبرت بعض التحليلات ، ان روسيا ومن خلال ما طرحته تطلب بقاء الرئيس السوري حتى إنتهاء ولايته الرئاسية في العام 2014 .
مما لا شك فيه ان هناك خلافا في القراءة لما تم التوافق عليه في إجتماع جنيف ، وقد بدا ذلك واضحا في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزراء الخارجية ومنهم الروسي سيرغي لافروف الذي كان حازما لجهة تأكيده ان ” وثيقة أنان ”  وهو التسمية التي أطلقت على الاتفاق الذي خرج به إجتماع جنيف ، لا تتضمن شرط تخلي الاسد عن السلطة . كما ان رد الفعل من جانب المجلس الوطني السوري الذي إعتبر ان وثيقة جنيف غامضة ، يدل على الحيرة التي وضعت معظم الأطراف فيها ، ومنهم النظام السوري الذي عبرت صحفه عن فشل اللقاء .
في المقابل ، تنقل التحليلات عن المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان ، تأييده لهذه الوثيقة تمهيدا لطرح حلول سياسية في مراحل لاحقة ، سيما وأنه من مؤيدي النموذج العراقي في التسوية السياسية ، الذي يشبه أيضاً النموذج اللبناني ، أي تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح مجلس الوزراء ، على أن يبقى الرئيس علويا ، ويكون رئيس الوزراء سنيا …

تفاوتت التحاليل الإعلامية حول نتائج إجتماع جنيف بين من إعتبر أنها وعبر إعطاء مهلة زمنية تصل الى سنة ممكن ان تعطي النظام السوري فترة سماح لعنفه المستمر وبالتالي لعمليات القتل التي لم تتوقف ، وبالتالي فإن ما حصل يشكل إنتصارا سياسيا للنظام بكل المقاييس ، وبين من إعتبر ان الاجتماع حتى ولو توصل الى وثيقة فلن يستطيع تطبيقها على الارض بسبب استمرار العنف . كما اعتبرت بعض الصحف العربية ان هناك تفاهما اميركيا روسيا لعملية الانتقال السياسي . وربما الإجماع  الوحيد الذي إتفق الاعلام عليه ، هو  ان الحل يجب ان يكون سياسيا ، في ظل شبه استحالة للحلول العسكرية والتي كان آخرها تصريح جديد للامين العام لحلف الناتو ” أندرس فوغ راسموسن ” أكد فيه إستبعاد أي تدخل عسكري في سوريا داعيا الى تطبيق حل سياسي .

سواء إعتبرت وثيقة جنيف ربح صافي للأسد ، الذي لا يمكنه الاستفادة منها ولا استثمارها في حملته ضد المعارضة السورية ، أم خسارة للمعارضة من خلال محاولة تفريقها عبر خلق المزيد من التوتر والإحراج ان في الداخل ام في الخارج ، فإن ما حصل في جنيف لا يتجاوز كونه في أحسن الأحوال تمديدا لعمر الأزمة  السورية بغياب أي حلول سياسية فعلية نتيجة عدم التوافق الدولي ، وعدم جهوزية الحل بانتظار تطورات إقليمية ودولية لم يحن أوانها بعد ، وفي أسوأ الأحوال فشلا جديدا يضاف الى المحاولات السابقة في الاجتماعات الدولية ، ولا سيما منها لقاءات مجلس الامن التي لم تنجح في استصدار أي قرار جامع ويمكن تطبيقه ، و في الحالين يبقى الخاسر الاكبر،  هي سوريا .