هم ثلاث قوميات، بثلاثة أعلام مختلفة، بثلاث قناعات، وثلاث ثقافات، لكن أجمل ما فيهم أنهم “موحدون” تحت اسم المنتخب، فيكفيهم كرة القدم لتوحدهم، أصدقائي من مدريد وأهلي في كاتالونيا، ورفاقي في إقليم الباسك، جميعهم رفعوا اسم اسبانيا، رغم خلافاتهم، والفروقات التي بينهم، فما يجمعهم هو الحب، حب النصر، وحبهم لبلدهم، فكيف يختلفون عنا، وماذا يعيبنا!
الذي يعيبنا أننا نحن بعلم واحد وثقافة واحدة وقومية واحدة، لكننا مختلفون على كل شيء تقريباً، في السياسة، والدين، والرياضة، والعلم، والمال، وتكاد الأمور التي توحدنا لا تذكر.
ما يعيبنا أننا عندما خرجنا إلى الشوارع ضد قدوم موفاز إلى رام الله اقتتلنا، رغم أننا مقتتلون ومنقسمون منذ سنوات، والخلاف بيننا ليس على برنامج سياسي أو مقاومة، أو مفاوضات، وإنما على اقتسام للسلطة هنا وهناك.
ما يعيبنا هي تلك الثقافة الآخذة في الانحدار في كافة مجالات حياتنا، كيف لا، وآخر الإعلانات التي بثت اليوم عن منتج جديد، تقول في الزوجة لزوجها “خلي في بالك لو رجعت عالبيت بدون…… بتنام عند إمك”. أهكذا نروح لشراء منتج جديد؟ بطرد الرجل من منزله إلى منزل والدته؟
إن الذي يعيبنا هو أن البلد امتلأت بـ”المرضى النفسيين” من غير المرضى، الذين نصبوا أنفسهم “آلهة” لكل شيء، فهم الذين يعلمون بالغيب، وهم الذين لا يخطئون، ويعرفون بكافة مجالات الحياة، ولا يقبلون حتى الاستماع للرأي الآخر، فكيف اذا أردنا مناقشتهم.
الذي يعيبنا، هو أن “الإسبان” وبقومياتهم الثلاث، رفعوا علم بلدهم، بينما نحن، نرفع كل أعلامنا الحزبية، وعلم بلدنا على استحياء، لو خرجنا في مسيرة ما، او تظاهرة ما، متناسين همنا الاول والأخير، وهو الاحتلال الإسرائيلي، فهل هكذا نحب بلدنا؟
لا ضير في قليل من العيوب، فكلنا نحمل منها، لكن العيب أن لا نعترف بذلك، وأن نتحدث عن عيوب الآخرين بطريقة لا حضارية، أو أن نلعن هذا الشيء أو ذاك أمامهم، ونمارسه في الخفاء.
طريقنا طويل في ما يعيبنا، لكنهم قالوا قديماً إن “رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة” وعلينا التقدم بهذه الخطوة إلى الأمام، لأن أحدا لن ينتظرنا، وسنبقى مكاننا أبد الدهر، ولا داعي للتباهي كثيراً بأننا احتللنا إسبانيا في زمن كذا، وعهد فلان، فهذا زمن ولى، وعلينا الانطلاق مجدداً.