- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

صيدا أسيرة الأسير

جاد عويدات

يتواصل اعتصام الشيخ أحمد الأسير عند المدخل الشرقي لمدينة صيدا. لمن لا يعرف جغرافية المنطقة، فهذه الطريق هي عبارة عن طريق متوازي مع الطريق البحري ليشكلان معا المعبر الحيوي الوحيد المؤدي الى جنوب لبنان.
اعتصام “انتفاضة الكرامة”، كما يسميه الأسير، يهدف للمطالبة بنزع سلاح حزب المقاومة اي حزب الله لأنه سلاح يفرض الهيمنة على بقية الطوائف ويشدد على انه اعتصام سلمي ويشبهه بالاعتصامات المفتوحة في ميدان التحرير في القاهرة.

لقد اثبت الأسير بأنه رجلُ إعلامٍ من الطراز الاول، فبعد المظاهرة البيروتية التي قام بها في ساحة الشهداء وطالب فيها بنصرة الشعب السوري بات الاعتصام الآن في صيدا محجة لوسائل الاعلام اللبنانية، في كل نشرة أخبار تنقلنا الوسيلة الاعلامية مباشرة الى صيدا للاضطلاع على آخر مستجدات الاعتصام. والشيخ الأسير موجود للدلو بما عنده حول الموضوع المطروح بكل فخر وثقة بالنفس كما لو ان الملايين من البشر تؤيده.

وعندما قام احد المشاركين بإذاعة “بيان” موقع من بعض تجارٍ صيداويين بلغ عددهم أكثر من ٤٠٠ تاجر بحسب ملقي البيان وسط هتافات المؤيدين بحضور وسائل الاعلام وضع الشيخ الأسير يده على أذنه في إشارة لعدم سماعه الرقم المذكور، فطلب تكرار ما أُذيع والابتسامة تلامس شفتاه. لقد قصد الرد بالأرقام على منتقديه بأن صيدا وتجارها لا تئن تحت وطأة حركته الإحتجاجية.

هكذا هو إمام مسجد بلال بن رباح، بارع في الإستفادة من التفاصيل الصغيرة وإثارة الضجيج حول شخصه ومشروعه غير الواضح. إن كان يريد الحديث عن الطائفة السنية، ففي لبنان الصراع بين القوى والأحزاب هو صراعٌ سياسي بامتياز وليس طائفي كما يحاول أمراء الحروب والطوائف تصوير الأمور. وبالتأكيد
لا نعتقد بأن الطائفة السنية بحاجة الى مثل الشيخ الأسير للمطالبة بحقوقها وباستعادة كرامتها.
من رياض الصلح الى نجيب ميقاتي مروراً بالرئيس رفيق الحريري ورشيد كرامي وغيرهم، عمل هؤلاء الزعماء دائماً في سبيل تغليب المصلحة الوطنية العليا بغض النظر عن الأخطاء التي ربما تكون قد ارتكبت في إدارة شؤون البلاد وهي امر لا مناص منه.
عندما اطلق رفيق الحريري ورشة إعادة إعمار لبنان لم تكن إعادة بناء الطرقات والمطار والبنى التحتية وبعضا من مؤسساته لفريق دون غيره من اللبنانيين وكذلك الامر عندما ساهم في تمويل دراسة آلاف الطلاب من اللبنانيين لم يفكر فقط بأبناء الطائفة السنية وانما بأبناء الوطن على مختلف طوائفهم ومذاهبهم.

لا شك بأن سلاح حزب الله هو سلاح مقاوم تحول إلى مادة خلافية بين اللبنانيين بعد انتشاره خارج نطاق العمل المقاوم.
تحول هذا السلاح احيانا الى أداة للسيطرة على السلطة والتعدي على هيبة المؤسسات ومع ذلك وبالرغم من هذه الأخطاء فلن تكون صك براءة وتأييد مجاني للشيخ الأسير.
تمثل الخطابات المتطرفة دائماً مادة خصبة لوسائل الاعلام، هذا هو الحال مع خطاب الأسير وبكل تأكيد لبنان يحتاج الى ما ينقذه من غياهب الظلام والفتنة والتعصب الأعمى.