- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كيف ولماذا غادر مناف طلاس سوريا

بسّام الطيارة
لماذا «هرب» العميد مناف طلاس؟ وكيف غادر الأراضي السورية؟ تكشف اليوم «برس نت» بعض ما خفي من انشقاق أحد أقرب المقربين من الرئيس بشار الأسد وأحد أعضاء الحلقة الأولى المحيطة بالنظام.
انشق اللواء مناف طلاس، قائد الفرقة ١٠٥ في الحرس الجمهوري، في يوم تنطبق عليه مقولة «صدفة خير من ألف ميعاد»، فتلقف المجتمعون في مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس الخبر، وهلل له وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، ومجمل الصحافة الغربية وأكدته عدة مرات عدة مصادر أميركية وكأنها لا تصدق ما حدث.
قبل الولوج في أسباب انشقاق «رفيق طفولة أفراد عائلة الأسد»، كما يصفه أحد أقربائه، كشف لنا أحد المقربين «الطريق الذي سلكه اللواء» وبادر بتوضيح أن «مناف كان تحت شبه إقامة جبرية» منذ أن رفض التوجه إلى الرستن لضرب تمرد عسكري. وينقل المصدر بأنه قال للأسد «لا أستطيع أن أطلق النار على ضباط من منطقتي وأقارب لي كان لوالدي الفضل في تعيينهم». وتابع المصدر متنهداً «عندها قال له الأسد إذا ابق في منزلك». ولكن يستدرك المصدر بالإشارة إلى أن «حرية محدودة تركت للواء»، بحيث كان يستطيع أن يقوم بتمارينه ورياضة الجري أو التوجه بعض الأحيان إلى السهرات في مطاعم عامة. وأكد مصدر آخر أنه شوهد عدة مرات بعد وضعه في الإقامة الجبرية في مطعم «صحارى» في جادة المزة.
كان يمكن للأمور أن تدوم، إلا أن مصدراً دبلوماسياً غربياً يقول إن «تهديدات بالقتل وصلت للواء»، رافضاً أن يؤكد ما إذا كانت هذه التهديدات على خلفية مذهبية أم بسبب الخلاف مع بشار الذي ظهر إلى العلن والتي «استثارت على ما يبدو الشقيق ماهر، قائد الفرقة الرابعة». إلا أن مصادر مقربة من المعارضة تقول إن «الأجهزة الأمنية كشفت اتصالات طلاس مع المعارضة» وهذا سبب هذه التهديدات المباشرة، وخصوصاً أنه كانت تحت رقابة دائمة.
وتؤكد مصادر موثوقة لـ «برس نت» أن الاتصالات مع المعارضة كانت قائمة ليس فقط بسبب أواصر عائلية، إذ أن ٤٥ ضابط من آل طلاس من الرستن قد انشقوا والتحقوا بالجيس السوري الحر. ويفسر الديبلوماسي الغربي بأن «ضابطاً كبيراً من عائلة عسكرية لا يستطيع أن يشهد انحراف التعامل مع الجيش وانزلاق البلد نحو حرب أهلية وقودها القوات المسلحة». لذا جاء القرار بالمغادرة.
كيف؟ بالطبع الخيار كان ثلاثي الاتجاهات إما عن طريق الأردن أو تركيا أو لبنان، في حين أن طريق المغادرة عبر العراق كان صعباً، أولاً بسبب المسافة وظروف «السفر» ثانياً «لعدم وجود ثقة بتصرف السلطات العراقية مع ضابط كبير كان والده بعثي تاريخياً ومقرب من الأسد الوالد». أما الأردن فإن الحديث عن «تصلب السلطات الأردنية مع المنشقين خوفاً من ردة فعل حكام الشام»، كما يؤكد الدبلوماسي الغربي، كان كفيلاً بحصر سبل المغادرة بين بابين: اللبناني والتركي. وبالطبع فإن الهروب من الباب التركي كان سوف يحمل معاني سياسية ويسلف الجيش السوري الحر جائزة الانشقاق. من هنا انحصر الاهتمام في المخرج اللبناني.
أما طريقة «الهروب والتملص من المراقبة» فكانت شبيهة بعملية «جيمس بوندية»، حسب المصدر، الذي يروي: «كالعادة خرج اللواء لرياضة الجري وكان عدد من رجال المخابرات يتبعوهن على بعد عشرات الأمتار مثل العادة. وكان اللواء قد اتفق مع عناصر من الجيش السوري الذين انتظروه على منعطف شارع فاستقل سيارة قبل أن تصل ثلة الحراسة إلى المنعطف وتكتشف أنه اختفى». ويقول المصدر أنه غير سيارته بعد مئات الأمتار، وتوجه نحو المعابر الجبلية على الحدود اللبنانية حيث تنكر قبل أن يتوجه نحو مسالك التهريب المعروفة من جماعات المنطقة الحدودية.  أما في لبنان، فقد كان «ينتظره جواز سفر دبلوماسياً». نسأل المصدر عن جنسية الجواز فيزم شفتيه علامة الجهل المصطنع.
ماذا سوف يفعل مناف طلاس خصوصاً وأنه لم يلق ترحيباً حاراً من مجلس الوطني السوري الذي ساده الوجوم ما أن أعلن عن انشقاق ابن مصطفى طلاس. كما أن العقيد قاسم سعد الدين الناطق باسم قوات الداخل في الجيش الحر دعاه «إلى الاعتذار أولاً وأن يشرح للشعب السوري ماذا فعل في السنوات الماضية» في إشارة مباشرة إلى العلاقة العضوية بين آل الأسد آل طلاس، وخصوصاً الوالد كان شريكاً أساسيا في منظومة حكم الأسد الأب. في حين أن بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس ردت على المعارض ميشال كيلو الذي قال إنه من الممكن أن يلعب دوراً، قالت قضماني «من المبكر جدا الحديث عن ذلك».
وعلمت «برس نت» أن مناف طلاس لديه رغبة في لعب دور ولكن بعيداً عن «كافة المعارضات وخصوصاً الجيش السوري الحر»، لأنه كما قال لمقرب نقل ذلك لـ«برس نت» «يريد الحفاظ على الجيش العربي السوري». أما بالنسبة للمعارضة في الخارج فإن الحكم عليها كان جازماً بأنها «فقدت مصداقيتها»، حسب قول المقرب من مناف.
ويبدو أن المستفيد الوحيد من هذا الانشقاق وهو «النظام كنظام» وليس نظام بشار الأسد. وهذا يتوافق بقوة مع «رغبات موسكو».