- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

معاناة الايرانيين وتحرير فلسطين

علاء العلي
بابتسامته المعهودة الموحية “بالتواضع”، اطل الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد على شاشة التلفزيون الإيراني قبل أيام. الاطلالة حملت بالاضافة الى احاديث نجاد المعتادة الاستعراضية في تحدي الغرب واسرائيل نقطة تشغل بال الاعلام الايراني معارضة وموالاة على حد سواء منذ فترة. الا وهي اختلاس مبلغ ثلاثة مليارات دولار من البنوك الإيرانية. فأكد نجاد على طلب المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية، علي الخامنئي، الذي دعا الى عدم “تضخيم الموضوع”، ما دفع برلمانيين ايرانيين الى التراجع عن طلبهم استجواب وزراء في الحكومة اضافة الى رئيس البنك المركزي الايراني حول القضية. التماهي بين موقف الرئيس والمرشد حول القضايا الاقتصادية وحماية الفساد ليس جديداً. فعلى الرغم من الخلاف المستحكم بين الرجلين والذي ظهر الى العلن  منذ اشهر بسبب صراع النفوذ. لا يزال المرشد يمسك بشعرة معاوية مع الرئيس بعد الدعم المطلق من الاول للاخير في الانتخابات الرئاسية في العام 2009 ، والتي ادت الى انطلاقة الثورة الخضراء احتجاجاً على النتائج التي شابتها الشوائب وللمطالبة باصلاحات سياسية واقتصادية، التي واجهها المحافظون بالقمع والتنكيل. فعلى الرغم من ارتفاع موارد الصادرات النفطية الايرانية من 21 مليون دولار سنوياً في عهد الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي عام 2004 الى 71 مليار دولار سنوياً في عهد احمدي نجاد، الا ان نسبة البطالة لا زالت تسجل اعلى مستوياتها في منطقة الشرق الاوسط. وفي حين بلغ عام 2011 معدل البطالة العالمي 6.5 و بلغ 10.3 في الشرق الاوسط (وهى الأعلى عالميا)، بلغت النسبة في ايران 11 بالمئة وفقاً للحكومة و15 بالمئة وفقا للاصلاحيين، ناهيك عن ارتفاع نسبة الغلاء من 10 الى 25 بالمئة . وذلك نتيجة تبني الرئيس نجاد للسياسات النيوليبرالية (ولا سيما الخصخصة) التي زادت من الهوة بين طبقات المجتمع الايراني. وعلى ما يبدو فأن الرئيس الايراني يملك عصا سحريا حيث اطلق وعدا بأيجاد 2.5 مليون فرصة عمل خلال العام الحالي في بلد تبلغ فيه نسبة النمو الاقتصادي صفر بالمئة، وفقا لصندوق النقد الدولي. ناهيك عن ارتفاع معدل الاستيراد حيث بلغت 70 مليار دولار في الاشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقابل صادرات نفطية بلغت 80 مليون دولار. وهو خير دليل على تحول ايران الى مجتمع إستهلاكي بفضل فتح الاسواق امام البضائع المستوردة، ما ادى الى تدمير الانتاج المحلي وبالتالي الى انخفاض فرص العمل، وهو السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة الجريمة، حيث سجلت 1277 جريمة قتل بين اذار 2010 واذار 2011 وفقا لرئيس الشرطة الايرانية، الذي تم استجوابه امام البرلمان الايراني تموز الماضي حول تنامي انعدام الامن بعدما دقت الصحافة الإيرانية ناقوس الخطر ازاء ارتفاع عدد الجرائم في قضايا قتل أو اغتصاب جماعي. ووفقا لرئيس الشرطة، الجنرال اسماعيل أحمدي، سُجلت 800 الى 900 حالة اغتصاب خلال السنوات الاربعة الماضية، اما الاسباب فـ “جهود الدول العظمى (الغربية) المتواجدة في المنطقة لنشر الجريمة وانعدام الأمن في مجتمعنا”.
فعلى ما يبدو ليس في ايران من قراء مشهد الثورات العربية بشكلها الصحيح. هكذا يتم رمي المشاكل الاقتصادية على عاتق التدخلات الغربية. مع ان من استحضر الغرب الى ايران هو النظام الذي يسعى الى مغازلة سياسات البنك الدولي. ناهيك عن حماية منظومة الفساد، فقضية المليارات الثلاث ليست الا نموذج على ما يحصل من حماية رأس النظام للمستنفعين والفاسدين. وبدل البحث عن السبل الايلة الى تحسين الظروف المعيشية للشعب الايراني يتم التلاطي حول اسباب صارت مكشوفة للرأي العام. هو اذا استنساخ لتجربة الانظمة العربية من مصر الى تونس فسوريا. على كل حال ثمة سؤال اخلاقي يطرح نفسه بعيدا عن الحسابات السياسية. ما هو موقف حركات المقاومة المستفيدة من المدد الايراني فيما لو خرج الشباب الايراني معلنا انطلاقة ربيعه؟ الاجابة عن السؤال مبكراً ضرورية، فليس من مصلحة احد اضافة عداوة جديدة مع شعوب المنطقة تجاه القضية الفلسطينية. فها هم فلسطينيو العراق يدفعون ثمن استغلال الرئيس العراقي السابق صدام حسين لقضيتهم.