- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كلينتون تريد منا نبذ “العنف”

فادي أبو سعدى

هي شقراء البيت الأبيض، وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، التي حطت في القاهرة للمرة الأولى منذ تولي الرئيس “الإخواني” الجديد محمد مرسي، تعودت على إطلاق التصريحات الرنانة، التي أكاد أشك أنها تعرف معناها، أو حتى وقعها وتأثيرها علينا نحن الفلسطينيين، فها هي هذه المرة، تعود للحديث عن دعم السلام، وحل الدولتين “وهي أمور لا تهمني”، والأهم أن علينا “نبذ العنف”.

عندما استلمت الرسالة النصية لتصريحات كلينتون ليلاً، كانت الصدفة أنني أشاهد فيلم “Civic Duty” الذي شارك فيه الفنان والممثل المصري “خالد أبو النجا” وكان المشهد الأخير الذي يصرخ فيه في وجه الشاب الأميركي، الذي كان يتحدث عن “عنف العرب” ليهاجمه خالد بصوت مرتفع مذكراً إياه بـ”العنف” الأميركي، من فيتنام، كمبوديا، الصومال، العراق، أفغانستان، وصولاً إلى فلسطين!

لطالما أرادت هيلاري كلينتون وإدارتها، أن يتناسوا أن “العنف” هو ذلك الاحتلال الإسرائيلي الذي سلب أرضنا عنوة، وهدم بيوتنا، وهو الاحتلال الذي “يسجن” خمسة آلاف أسير فلسطيني في سجونه، وهو نفسه الذي يقطع أوصال بلدنا الصغير بمئات الحواجز بين المدن وعلى الطرقات، وهو نفسه الذي قطع الوطن إلى نصفين “غزة والضفة الغربية” وبعد كل ذلك إذا ما قاومناه، فقد أصبح “عنفاً” وعلينا نبذه!

“العنف” في نظر كلينتون هو عندما نخرج إلى الشوارع مدافعين عن أرضنا وعرضنا في وجه المستوطنين اليهود، الذين يحرقون الأرض، والزرع، ويقتلعون الأشجار، ويقتلون الماشية، ويطلقون الخنازير البرية لمهاجمتنا ويحرقون مساجدنا وكنائسنا!

“العنف” الذي تتحدث عنه كلينتون، هو رفضنا للاستيطان وإقامة المزيد من المستوطنات وتوسعها على حساب أرضنا، والذي لا يحق لنا رفضه وحسب، وإنما علينا أن نذهب لمزيد من “المفاوضات” مع المحتل، لأننا لو رفضنا فقد أصبح الأمر “عنفاً”.

المضحك المبكي في الأمر، أنه عندما اقتتلنا وحصل الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس” لم يكن ذلك “عنفاً” في نظرهم، لكنهم في ذات الوقت يرون “العنف” السوري بوضوح وينبذوه، ويريدون منا أن نصدق بأنهم يكترثون لدمائنا سواء العربية منها أو الفلسطينية “وهي واحدة”.

أعلم أنهم لا يعرفون “العيب”، لأن طفلاً منا يخجل أن يطلق تصريحات كهذه، لتأتي من وزيرة خارجية أميركا، وأعرف أنهم يعلمون بأن “العنف” هو أكثر من 60 عاماً تحت الاحتلال، ودعمه على كل المستويات، وهو ذات “الاحتلال” الصهيوني الذي يتحكم في “الولايات المتحدة الأميركية” منذ زمن بعيد، من دون أن يحاولوا التخلص، أو حتى التملص منه.

إن كان هذا هو “العنف” الذي تبحث عنه كلينتون كي ننبذه، فنحن أهل “العنف” ويكفينا “عنف” الجميع ضدنا والذي قتل رئيسنا الراحل عرفات، ويحرض على الحالي، ويوقف الأموال ويقطع الرواتب، في ابتزاز سياسي مقيت، فلينبذوه هم أولاً، أما نحن فنعرف كيف نفرق، ونعرف حق المعرفة، ما علينا فعله.