- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«البوعزيزي» الاسرائيلي؟

نجاة شرف الدين

على الرغم من قساوة المشهد الذي تناقله المواقع الالكترونية للمواطن الاسرائيلي، موشيه سيلمان، عندما أضرم النار بنفسه يوم السبت الماضي في تل أبيب، أثناء تظاهرة احتجاجية لمناسبة مرور عام على إنطلاق حملة الاحتجاج الاجتماعية الصيف الماضي، إلا ان هذا المشهد لم يأخذ مساحة تغطية إعلامية واسعة، إن في إسرائيل أو في العالم العربي وحتى في الاعلام الدولي.
خطوة سيلمان، إبن مدينة حيفا والبالغ من العمر سبعة وخمسين عاماً، والذي يرقد اليوم في مستشفى شيبا في تل أبيب ويعاني من حروق من الدرجة الثانية والثالثة في أكثر من تسعين بالمئة من جسمه، أشعلت في اليوم التالي تظاهرات عمت المدن الاسرائيلية من القدس الى حيفا وصولاً الى تل أبيب، وأغلقت عدداً من الطرقات الرئيسية، تضامناً مع سيلمان.
الصحف الاسرائيلية تراوحت تحليلاتها بين من اعتبر أن حادثة سيلمان ستعيد إحياء التحركات التي شهدتها المدن الاسرائيلية العام الماضي، لا بل اعتبر البعض منها ان الاحتجاج سينتقل من الطبقة الوسطى في اسرائيل الى ان يمثل مجموعة صغيرة من المجتمع الاسرائيلي هي الاكثر فقرا من الناحية الاقتصادية الاجتماعية والتي وصلت الى طريق مسدود ولم يعد لديها ما تخسره.
في المقابل، هناك من اعتبر ان في اسرائيل اليوم ناشطين اجتماعيين مهمتهم إشعال الاحتجاج الاجتماعي وإنزال الناس الى الشوارع والتحريض ضد السلطة الشرعية المنتخبة. كما رأوا ان الاحتجاج العام الماضي، والذي اعتبروا انه حظي بدعم من وسائل الاعلام، قد فشل، ويعود سبب الفشل الى ان الناس أذكياء وسرعان ما فهموا الأجندة السياسية لقادة الاحتجاج. وهناك من وصف صورة سيلمان وهو يضرم النيران في نفسه، كوقود كان يحتاج اليه المحتجون من إحياء قضيتهم وهذا يمثل استغلالاً بشعاً لمأساة شخصية.
في أي حال فإن المساحة الاكبر في تناول الموضوع كانت في الصحافة الاسرائيلية مقارنة مع الاعلام الدولي، الذي اقتصر على بعض المقالات التي ركزت على شخصية موشيه سيلمان وضرورة معالجة الازمات الاجتماعية في إسرائيل. أما في الصحافة العربية، فإن الاهتمام كان خجولاً، باستثناء بعض من رأى في مشهد «البوعزيزي الاسرائيلي» بداية تحرك سياسي ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما يزيد من الضغط على نتنياهو داخلياً.
في أي حال ، فإن ما حصل جعل الكنيست الاسرائيلي يناقش حجب الثقة عن الحكومة، وجعل حزبي «ميرتس» و«العمل» يتحركان ويقدمان اقتراحات لإصلاح النظام الاقتصادي المتبع في البلاد، والذي اعتبرا انه يؤدي الى توسيع الفوارق الاجتماعية.
في العام الماضي وعندما بدأت الاحتجاجات المطالبة بالعدالة الاجتماعية في اسرائيل، كتب الكثير عن استلهام للربيع العربي الى إسرائيل، اليوم وبعد عام على هذه الاحتجاجات، بدأ يكتب عن استلهام للبوعزيزي الاسرائيلي عبر موشيه سيلمان. ولكن السؤال: هل تستطيع اسرائيل ان تمضي بسياساتها وتتجاوز ما يجري في محيطها عبر استكمال بناء جدار تلو الجدار، وتعزل نفسها عن التحولات في المنطقة؟ أم سيشعل موشيه سيلمان شرارة ربيع آت من دول عربية هذه المرة، ويصل الى إسرائيل؟