- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

جنون «الفيتو»

زاوية حادّة

حسام كنفاني
الفيتو أو حق النقض في مجلس الأمن هو بحد ذاته جنون، ولاسيما حين تتحدى دولة واحدة إجماعاً عالمياً على قضية ما. أمثلة كثيرة ممكن أن تُساق في هذا المجال، لعل آخرها الفيتو الأميركي ضد مشروع قرار إدانة البناء الإستيطاني في الضفة الغربية، ثم الفيتو الروسي الصيني المزدوج ضد مشروع قرار عمليات قمع السلطات السورية للمتظاهرين.
الجنون ليس في الفعل بحد ذاته، بل ما من الممكن أن ينتج عنه على أرض الواقع، فالفيتو الأميركي، والذي تلوّح واشنطن بإعادة استخدامه لمواجهة مشروع إعلان الدولة الفلسطينية، أعطى دولة الاحتلال فرصة لاستباحة كل المواثيق الدولية وإحباط جميع محاولات العودة إلى المفاوضات، وأوصلت الفلسطينيين إلى حال الإحباط القصوى التي قد يتولد عنها انفجار عنفي في الشرق الأوسط، يحذّر منه كل المسؤولين الغربيين. انفجار يرى الكثيرون بأنه آتٍ لا محالة، غير ان الاختلاف لا يزال حول موعده، إلا أنه قد لا يتأخر عن تاريخ الفيتو الأميركي الجديد المرتقب، أو حتى النجاح الأميركي في منع حصول الدولة الفلسطينية على الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن.
جنون آخر سيولده الفيتو الصيني الروسي المزدوج. فحين ترى السلطات السورية سقف الحماية المرتفع الذي تؤمنه بكين وموسكو، فإنها لن تتوانى عن ارتكاب المزيد من عمليات القتل لمواجهة المتظاهرين السلميين، أو استخدام آلتها العسكرية كاملة لقمع مجموعات صغيرة من الجنود المنشقين عن الجيش النظامي. جنون قد تكون إحدى بوادره ما أشيع عن مقتل زعيم عشيرة البكارة، نواف البشير، تحت التعذيب في السجون السورية، المعتقل فيها منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر. وفي ما لو صحّ الخبر، فإن السلطات السورية تكون قد قررت السير إلى النهاية بمنهج القمع غير آبهة بما قد تستجلبه هذه التصرفات، وخصوصاً في ما يخص غضب العشائر، التي قد تنضم بقوة إلى مسيرة الاحتجاجات، وترفع من منسوب المشاركين فيها، إضافة إلى توسيع رقعتها الجغرافية.
مشهدان، سوري وفلسطيني، متناقضان. غير أنهما نتيجة لسياسة واستراتيجية واحدة، وقد يؤديان إلى غرض واحد عنوانه «الانفجار». جنون عام على مشارف اجتياح المنطقة بغطاء دولي، منسق أو غير منسق. غطاء هو نتيجة صراع مصالح كبرى تكون أدواته قطاعات صغرى بلا مصالح.