- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

طلاس من «الكوت دازور» يستعد للعب دور المنقذ

بسّام الطيارة

كما سبقت ونشرت «برس نت»  أن العميد المنشق مناف طلاس، قائد اللواء ١٠٥ للحرس الجمهوري، قد «هرب» عن طريق بيروت «بمساعدة جهاز مخابرات غربي» وذلك في ٦ تموز/ يوليو، فقد تأكد هذا الأمر بعد أن عثرت أمس الأجهزة الأمنية اللبنانية على سيارته في شارع فرعي من العاصمة اللبنانية. وهو توجه إلى المطار الدولي وسافر بجواز سفر «إما خليجي أو أوروبي» كما كشف ديبلوماسي أوروبي. واستقل الطائرة متوجهاً إلى نيس على «الكوت دازور» حيث كان ينتظره والده العماد مصطفى طلاس، وزير الدفاع السابق، وشقيقته الميليارديرة ناهد عجة حيث نزل في فيلتها الفخمة في قرية «سان بول دو فانس» (Saint Paul de Vence) الراقية.
وفي بيان وجهه إلى وكالة الأنباء الفرنسية أعلن «وجوده في فرنسا» وهو ما سمح للرئيس الفرنسي  فرنسوا هولاند تأكيد «أنه على الأراضي الفرنسي» خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي. وجاء في البيان إن سوريا لن تخرج من الأزمة الا عبر مرحلة انتقالية بناءة، تضمن وحدتها وامنها، و”التطلعات المشروعة لشعبها”. وكما تسربت أنباء سابقة، فإن العميد طلاس طالب بتجنيب الجيش السوري التفتت وضرورة تجنيبه «معارك تناقض المبادئ التي قام عليها».
وفي الواقع، فإن مناف طلاس يأتي وكأنه «منقذ الجميع» كما قال الديبلوماسي الغربي، فهو لا يطلب التدخل العسكري ولا يتهم المعارضة بالإرهاب ولا الغرب بالمؤامرة ولا روسيا بحماية بشار الأسد، ولكنه بشكل ما «يواكب خطة كوفي أنان». فهو يدعو لمرحلة إنتقالية لا تستثني أي فريق من أركان المعارضة كما أنه لم يأت على ذكر «التنحي المسبق لبشار الأسد».
وفي الواقع فإن هذا «المسلك الفريد» الذي يعطي حلاً لتربيعة الدائرة التي تدور فيها القوى الغربية من جهة وروسيا من جهة أخرى كما يقول الديبلوماسي، يمكن أن يدفعها للتوافق على «ترتيب هذه المرحلة الانتقالية بالتوافق مع العميد طلاس». ويفسر الديبلوماسي الأسباب التي تجعل من «المسلك الفريد لطلاس» حلاً «قد يبدو مقبولاً وقابلاً للتنفيذ»  فيقول «إن طلاس السني يستطيع أن يطمئن حلقة عائلة الأسد العلوية» من جهة، وهو لم يشارك في عمليات القمع لا بل رفض تنفيد أوامر القيادة بإخماد فتنة منطقة الرستن، وبالتالي فهو «يمكن أن يحوز على تقبل من بعض أفرقاء المعارضة ودعم من أفرقاء آخرين».
لذا ترى القوى الغربية في مناف طلاس حلاً لعجز «المعارضات المتعدد» عن التوحد والعمل المشترك وسبيلآً لمنع «انهيار النظام كاملاً وترك فراغ قد يستفيد منه السلفيون». وهذا الحل يرضي أيضاً موسكو التي لا بد وأنها تنظر بعين الرضى لدور «الفارس الأبيض» الذي يمكن أن يلعبه طلاس ويبنقذها من «مأزق دعم النظام».
ولكن عوامل عدة مازالت تنتظر  ردات فعل عدد من الجهات منها «ثوار الداخل» حسب وصف الديبلوماسي أي المقاتلين على الأرض الذين بدأت قوتهم الفعلية تتطور وبدأ ميزان القوى يميل لصالحهم ببطء شديد وليس بشكل ملموس، وبينهم عدد كبير من أفراد الجيش، بعضهم يرى في آل طلاس «مكوناً أساسياً لنظام آل الأسد» ويتخوف من «إبدال بشار بمناف». ولكن ضمن قوى الداخل يوجد أيضاً الجيش الذي ما زال نوعاً  ما متماسكاً مع نظام الأسد، فهل يقبل به كلاعب أساسي يحميه من مواجهة الثوار ولكن أيضاً يحمي عدداً من الضباط الذين شاركوا في عمليات القمع؟ أم تتصلب مواقف هؤلاء خوفاً من حساب مقبل فيرفضون «التسوية»؟
قد يكون أمل العميد طلاس الوحيد هو «الاعتماد على المعارضة التي ترفض العسكرة» كما يرفض هو «زج الجيش وتخريبه». في هذه الحالة يمكن العمل على تسوية تضمن تنحي الأسد والحلقة المقربة منه على الطريقة اليمنية المعدلة. وفي حال فشل مناف فإن حل الأزمة لن يكون على الطريقة الليبية بل على الطريقة التشتشينية أي حرب أهلية يسعى النظام عبر تدمير المدن لسحق الثورة في محاكاة  وتكرار متعدد لما حصل في غروزني مع فارق واحد هو أن النتيجة سوف تكون فرزاً طائفياً ومذهبياً لبلاد الشام من جهة يمكن أن يفيض على دول الجوار بشكل نزاعات عبر الحدود.
بانتظار أن يتبين الخيط الأبيض لتواصل المعارضة والقوى الأجنبية مع العميد الطلاس من الخيط الأسود لردات فعل القوى الرافضة أن يلعب طلاس أي دور فإن القتلى ما زالوا يتساقطون مدنيين وثواراً وأفراد القوى الأمنية.