- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

انتظروا أدونيس فوصل السويدي (قصيدة مختارة من شعره)

توماس ترانسترومر

توماس ترانسترومر

باريس ــ جوزف كيروز

هذه السنة أيضاً سنقول متأسفين: “فاتت جنبنا”.
توقع الكثيرون أن يفوز بها أدونيس هذه المرَة، فعدا عن أنه يستحقها، فإنّ ما يجري على الأرض العربية نشّط الأمل باتجاه جائزة نوبل للادآب. ولكنّ شيئاً من هذا لم يتحقق. وكان الأمر يهون لو أنّ الفائز بها روائيّ، ولكنّه شاعر! ولولا أنّ عرباً أربعة من مصر سبق لهم الحصول عليها لحقّ القول: إن العرب وجائزة نوبل ضدّان لا يلتقيان.
كان لا بدّ من هذه المناحة لتعزية النفس قليلاً، رغم أنها لا تقدّم أو تؤخّر شيئاً في أحكام أعضاء لجنة الجائزة التي اختارت هذه السنة شاعراً من “أهل البلد” ليتوّج عالمياً: توماس ترانسترومر “لأنه يمنحنا، عبر صوره المكتنزة والشفافة، طريقة جديدة لبلوغ الواقعي المحسوس”، بحسب ما ورد في براءة الجائزة.
لا يصحّ القول: إنّ لجنة نوبل للادآب أعطت جائزتها “لشاعر سويدي غير معروف”، كما جاء في بعض الصحافة الفرنسية. فهذا الشاعر ربما كان غير معروف في الأوساط الشعبية في بلده والعالم، وهذا يعود إلى تقلّص قرّاء الشعر في كل مكان ومنذ زمن غير قصير، ولكنه، باعتراف النقاد، الأكثر تقديراً من بين الشعراء الاسكاندينافيين الأحياء، وشهرته ذائعة في الأوساط الأدبية عالمياً.
ولد في استكهولم في 1931، وعاش طفولته وصباه في كنف أمه الوحيدة بعد فرار والده من المنزل العائلي. درس علم النفس ونال الإجازة الجامعية. عمل، طوال حياته المهنية، في مؤسسة اجتماعية تقدّم العلاج النفسي لمرتكبي الجرائم، على أنواعها، ولمدمني المخدّرات وللمعاقين عقلياً وجسدياً. والغريب أنّ شعره الذي يغلب عليه طابع التأمل الهادىء لا يعكس ، ظاهرياً في الأقلّ، ذلك العالم الأسود
والعنيف حيث كان يعمل نهاراً. وإذا بدا شعره، في نظرة عجلى، نقيضاً لحياته المهنية، فإن القارئ المتمعّن يلحظ روابط خفية في ثناياه، بين ما هو حميميّ لدى الإنسان وبين العالم المحيط به. غير أنّ ترانسترومر لا يستغرق طويلاً في التأمل، ولا يستسلم لاغراءات الصوفية، وإن نضح شعره بزيتها أحياناً. هو مأخوذ، في الأكثر، بمشاهد من الطبيعة يعيد صياغتها ، بما توافر له من استعارة ومجاز، لعلها تسعفه في الغوص أبعد فأبعد في متاهة الهوّية البشرية من غير أن يهمل بعدها الروحي. ولعلّ هذا ما يفسّر التعبير الذي أطلقه أحد النقاد السويديين على شعره حين وصفه بـ “صلوات دنيوية “.
من الصعب أن تعدل في تقديرك قصائد شاعر، حقّ قدرها، وأنت تجهل لغته. والترجمة تظلّ ترجمة مهما بلغت جودتها. أي هي نصّ ثانوي يقترب أو يبتعد من النصّ الأصلي . غير أنه لا بدّ من الترجمة، وهي في بعض الأحيان خير معين لشهرة الشاعر. وترانسترومر مدين بشهرته في دنيا الانكليزية لصديقه الشاعر الأميركي، روبرت بلاي، الذي ترجم معظم قصائده. وترجمة بلاي تُرجمت بدورها إلى حوالى خمسين لغة.
في فرنسا تولت منشورات “كاستور أسترال” إصدار ترجمات أشعاره إلى الفرنسية. وقبل سنوات، نشرت دار “غاليمار” هذه الترجمات في مجلد يضمّ أعمال الشاعر الكاملة التي كانت بدايتها مجموعة قصائد عنوانها “17 قصيدة” ، صدرت في 1954، وأحدثها مجموعة من 45 مقطوعة مكتوبة على طريقة شعر الهايكو الياباني، صدرت في 2004، بعنوان “اللغز الكبير”.
وتنبغي الإشارة إلى مجموعة شعرية لاقت رواجاً كبيراً أصدرها الشاعر السويدي في 1996، وعنوانها “غندول الحزن”، أي بعد ستّ سنوات من إصابته بالفالج الذي ترك نصفه الأيمن مشلولاً، ما حدا به الى اعتزال المجتمع والإقامة برفقة زوجته وابنتيه في إحدى جزر البلطيق.
قصيدة مختارة من شعره:
من على الجبل

أنا على الجبل وأتأمل الخليج
المراكب تستريح على سطح الصيف
“نحن مروبصون. أقمار تائهة”.
هذا ما تقوله لي الأشرعة البيضاء.
“إننا نشرد في بيت مخدّر
نغلق الأبواب بهدوء
إننا نتوكأ على الحرية”.
هذا ما تقوله لي الأشرعة البيضاء
ذات يوم، رأيت رغبات العالم تموت
كانت تتبع المجرى ذاته- وأسطولاً واحداً.
نحن الآن مبدّدون. أمدآء ولا أحد.
هذا ما تقوله لي الأشرعة البيضاء.