- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المعادلة الكيميائية

زاوية حادّة

حسام كنفاني

الاسلحة الكيميائية السورية باتت الشغل الشاغل للمجتمع الدولي في تعاطيه مع الأزمة السورية. خلال الايام الاخيرة لم يتبق اي مسؤول دولي او صحيفة غربية لم تتحدث عن الترسانة غير التقليدية للدولة السورية، ووصل الامر الى مجلس الأمن الدولي، قبل ان ينتقل الى الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر مشروع القرار العربي الخاص بالمسألة هذه.
دخول عنصر السلاح الكيميائي على جدول الاعمال الدولي كان لافتاً، ولا سيما انه خلال عام ونص العام من عمر الثورة السورية، لم يتطرق احد الى مثل هذه المسألة، قبل ان تُفرض فرضاً.
من وضع السلاح الكيميائي على طاولة المجتمع الدولي؟ مراجعة قليلة لتاريخ دخول هذا المسألة على جدول الاعمال تحمل الاجابة. فالقلق والأرق بالأساس إسرائيلي، وسلطات الاحتلال هي اول من رفع الصوت للتحذير من تهريب مثل هذه الاسلحة او استخدامها، وبالتالي وضعها على ألسنة المسؤولين الدوليين. وبناء على مثل هذا القلق تحركت ماكينة الضغط العالمي على دمشق، حتى خرجت الاخيرة برسالة او زلّة تؤكد امتلاك الدولة السورية لمثل هذه الاسلحة.
وبغض النظر عن الضغط الدولي، يبقى القلق الإسرائيلي مثار اهتمام، ولا سيما ان الأرق الاسرائيلي الأساس ليس من امتلاك سوريا للأسلحة الكيميائية، وهو امر مسلم به في الاستراتيجيا الاسرائيلية، بل من انتقال مثل هذه الاسلحة الى حزب الله في لبنان، ما من شأنه ان يعدل موازين القوة، ويدخل عنصراً جديداً الى معادلة الردع الاستراتيجي.
موازين القوة تبدلت اكثر من مرة خلال المرحلة اللاحقة لحرب تموز الى درجة تعايشت معها سلطات الاحتلال. البداية كانت مع الترسانة الصاروخية لحزب الله، التي بدأ الحديث الاسرائيلي عنها بعد الحرب بأنها بحدود ١٣ الف صاروخ، لتصل قبل أيام الى حدود ٧٠ الف صاروخ. الامر ينطبق كذلك على الاسلحة المضادة للطائرات التي كان يتحدث فيها الاحتلال بقوة قبل فترة الى ان تم الصمت حولها، وصولا الى الإقرار باحتمالية وجودها لدى حزب الله، الذي لمح اصلاً الى ذلك في اكثر من مناسبة. الصواريخ والأسلحة المضادة للدروع والمضادة للطائرات والصواريخ البحرية، كلها، فرضت قوة ردع مربكة للاحتلال في اي حرب مقبلة، ولا سيما مع دخول الجبهة الداخلية الاسرائيلية في اي معادلة حربية، اضافة الى إمكان استهداف الغطاء الجوي.
اليوم بالحديث عن السلاح الكيميائي فإن إرباكاً جديداً سيضاف الى حسابات الاحتلال، ويخرج أسلحة جديدة من دائرة الفعالية.
المعادلة الكيميائية ليست سورية بالمطلق، والقلق الدولي ليس على الشعب السوري، بل هو مسألة أوسع تدخل ضمن معادلة إقليمية شاملة.