- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

معارك “البنوك” في رمضان

فادي أبو سعدى

كان المشهد غير معتاد، فكله “وجوه”، لكن تلك الوجوه كانت جميعها عابسة، ولا يمكن أن ترى ابتسامة مرسومة على وجه أحد، هذا المشهد كان في “شارع البنوك” أو شارع المهد كمان يعرف في بيت لحم، حيث تجمهر العشرات من المواطنين أمام كل بنك، بانتظار الساعة التاسعة والنصف، موعد بدأ العمل في شهر رمضان، بحسب ما قررت الحكومة، وقررت البنوك هي الأخرى.

تلك البنوك، التي لا تعمل أصلاً، واسمها مرتبط “بالكسل” و”بامتصاص” كل ما يملك الناس، تبدأ عملها متأخرة ساعة، في الشهر الفضيل، لتضيف إلى هموم الناس هماً آخر وكأنهم لا يفعلون شيئاً في حياتهم سوى الانتظار أمام البنوك، وانتظار بدء الدوام فيها، كي يستطيعوا الحصول على القليل من الأموال، أو انجاز بعض المعاملات المالية كي ينطلق اليوم الأول من الأسبوع بنجاح.

“المعركة” تنطلق فور بدء باب البنك بالارتفاع “آلياً” عن الأرض معلنا بدء الدوام، حيث يتدافع الجميع للحصول على “رقم” وتختفي الكثير من الأمور وسط هذه اللحظات، فلا يمكن أن تجد “الذوق، أو الاحترام، ولا وجود لـ”الأنوثة” ولا فارق السن”، فالمهم للجميع هو الحصول على رقم، والأهم أنك ترى الجميع وقد أصبحوا أشبه بشخصيات الأفلام الشهيرة من “الخوارق”.

لكنها البداية فقط، فرغم الدخول إلى البنك، وانتظار دورك، إلا أنك لا بد أن تسمع الكثير من “التعليقات” اللاذعة، ممن قدموا منذ الصباح الباكر، وحصلوا على رقم بعيد، ليعم “النكد” في البنك وتعود الوجوه العابسة من جديد في كل زاوية من زوايا القاعة الرئيسية للبنك.

كما أنك تستطيع أن تلمس، بأن موظفي البنك، آتون إلى الدوام رغماً عنهم، وكأنهم لا يريدون العمل، حتى أنك تشعر بسببهم وكأنك شخص غير مرغوب، فلا ترى ابتسامة على وجوههم، وتراهم نصف نائمين، وكلماتهم معدودة، وأخطاؤهم كثيرة.

متى “سنحب ما نعمل؟” وكيف “سنستطيع الالتزام بالدور” ولو مرة واحدة في حياتنا؟ وأين هو “الزمان” الذي سنحسب فيه من الشعوب المتحضرة، ولماذا “لا نشعر بأننا حتى على الطريق الصحيح وصولاً لهذا الزمن، أو تلك المرحلة؟”.

التغيير لا يمكن أن يبدأ إلا بأنفسنا، لكن الكارثة أن أحداً لا يكترث بأن يبدأ بالتغيير، ودائماً ما تكون “الحجة الواهية” في ذلك، بأن الجميع لا يلتزم فلماذا أفعل أنا ذلك؟ وعلينا جدياً تغيير هذه النظرية الخاطئة، كي نستطيع الانتقال من مرحلة إلى أخرى، إن أردنا أن نكون كباقي البشر، لأننا ببساطة لا نفعل ما نفعله في بلاد الغير، فلماذا نرتكب الأخطاء بحق أنفسنا فقط؟