- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حلب في عين الميدان

نجاة شرف الدين

بعد عام ونصف على بداية الإحتجاجات في سوريا ، وقرارات دولية وإقليمية ، من مجلس الامن وصولا الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ودخول عناصر وعوامل عديدة على الصراع ، من الورقة الفلسطينية وصولا الى الكردية ، إضافة الى دول الجوار من تركيا الى الأردن مرورا في لبنان ، دون ان نتحدث عن الموقف الاسرائيلي المراقب والمنتظر تطور الأوضاع ، يبدو أن الساحة السورية عادت الى  معركة الميدان بغياب التسويات السياسية ، وإستمرار المعارك العسكرية ، وتصاعد عمليات الانشقاق الداخلي ، وإستقالة المندوب الأممي والعربي كوفي أنان من مهمته ، وإنتظار تسمية بديل ، لن يكون بمقدوره  إنجاز أي تحول في المشهد السوري ، المعقد أصلا.

ما يمكن ملاحظته في ما ينقله الاعلام ولا سيما الغربي منه ، هو الإجماع على إعتبار أن البلاد دخلت في مشهد الحرب الأهلية الفعلية على الارض ، من خلال العنف الذي يمارس ما بين الجيش النظامي من جهة والجيش السوري الحر من جهة أخرى ، وتطور المشهد العسكري باتجاه عمليات الخطف اليومية ، والسيطرة على الأحياء والمناطق من قبل مجموعات مسلحة ، وعمليات الانتقام التي تمارس ، وركزت بعض التقارير على المعارك العنيفة التي يقودها جيش النظام والدمار الذي يحدثه القصف المتواصل ، من دون إكتراث للضحايا المدنيين وتذهب الصور التي ينقلها الاعلاميون الأجانب الذين يتواجدون بكثرة على الحدود التركية السورية ، واللبنانية السورية ، والأردنية السورية ، والذين يجازف البعض منهم في الدخول عبر الحدود ولا سيما الى حلب ، لنقل المشاهد المرعبة ، قبل بداية المعركة فعليا ،كما يقول جيش النظام ، فكيف ستكون الصورة في حال بدأت  .

يجمع الاعلام العربي والدولي ، على أن المعارك الميدانية في هذه المرحلة هي التي ستحدد مستقبل سوريا ، وأم المعارك ستكون في مدينة حلب ، حيث تفرض المواجهة استعدادات عسكرية واسعة ، وهو ما قام الجيش النظامي به ، مقابل إستعدادات الجيش السوري الحر الذي تدعمه تركيا وقطر والسعودية بحسب التقارير الغربية التي أشارت أيضاً الى وجود خبراء من السي آي إيه في المنطقة بعد توقيع الاتفاق السري للرئيس الاميركي باراك أوباما والذي يسمح بمساعدة المعارضة ، إستخباراتيا ، من دون تقديم السلاح مباشرة .
يبدو ان معركة حلب ، التي تصاعدت حماوتها مقابل برودة على المستوى السياسي ،  تزامنت مع إستقالة المبعوث الأممي كوفي أنان ،وفتح الجبهة التركية الكردية ،  وعملية خطف الإيرانيين الثماني والأربعين ، وإنشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب ووصوله الى الأردن مع عائلته ، ستشكل نقطة فاصلة في تحولات المشهد السوري ، ومن يسيطر على حلب ميدانيا ، سيكون موقعه أقوى في حال الدخول في مفاوضات سياسية ، وفي صراع المحاور الدائر حاليا على سوريا .
في ظل ما تعيشه سوريا اليوم ، فإن عيون العالم على الميدان في حلب ، وبغض النظر عمن سيربح أو يخسر ، فالنتيجة واحدة (وربما الهدف واحد)، وهي تدمير سوريا …