- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لهاث إعلامي يغطي على كل نسمات الحياة

نقطة على السطر
بسّام الطيارة
يعيش لبنان وضعية «حرب بالوكالة» ويمكن أن نضيف «مثل العادة». لا ضرورة للتذكير بدور مقاهي بيروت في «تحضير الانقلابات» في  الدول الشقيقة القريبة والبعيدة، ولا ضرورة للتذكير بقدرة هواة الانقلابات على استجلاب الأموال التي عاشت أجيالاً عليها تحت شعار «الابداع المصرفي اللبناني».
اليوم كما في الأمس يتحرك لبنان على أنغام خارجية. الساحة اللبنانية ما زالت ملعباً للقوى الإقليمية والدولية.
١٠٠٠ قناة تلفزيون وإذاعة وصحيفة ومجلة وموقع إعلامي تتنازع مواطنيه وتمدّهم بأخبار معانيها متناقضة وإن هي غطت نفس الحدث. أما المواقع الاجتماعية فحدث ولا حرج فيها ما هب ودب من «فشات الخلق والشتائم» التي تحمل صورة «واقعية» لما يحمله اللبنانيون من ضغائن لبعضهم البعض في ما يتعلق بالشأن الخارجي، وتعكس مواقفهم من فريقي النزاع العربي والسند الدولي لكل منهما.
١٠٠ في المئة من اللبنانيين الذين يتناوشون على “فايسبوك” ويغرّدون على “تويتر” يبدون مهتمين لأقصى درجة بما يحصل في سوريا، يتراشقون حول صفات موقف أميركا وفرنسا ومؤامرات الغرب وإسرائيل التي تقف وراءه ويتطرّقون لمواقف الصين وروسيا ومصالح من يدعم النظام السوري والدور الإيراني.
تغوص التغريدات والتعليقات في تحليلات مستقاة يميناً ويساراً على شبكة أنترنيت في عملية «نسخ ولصق» نشطة لا تلتفت للتناقض، مدفوعة من هيجان، عند قراءة كلمة واحدة تذهب في الاتجاه المرغوب وتشفي غليل مناضل أنترنيت بانتظار مد طاولة إفطار رمضان أو هاتف الأصدقاء لاختيار خيمة السهرة مع الأصدقاء.
هل هذا هو لبنان؟
في لبنان مواطنون يهتمون بأشياء كثيرة تتجاوز سوريا وما يحصل في سوريا ولا تنحصر بالربيع العربي ولا بالأصولية ولا بالمقاومة، أشياء ليست مهووسة بالمد الشيعي ولا بحرتقات إيران ولا تتبع دولارت الخليج لترى من يستفيد منها ومن يوزعها. في لبنان مواطنون لم يهتموا بزعماء توارثوا الظهور، ولا اهتموا بتواريخ ظهورهم التلفزيوني، ولا لاحقوا أخبار خياناتهم.
في لبنان كما في بقية العام العربي أكثرية صامتة تحاول الهروب من هذا اللهاث الإعلامي الذي يغطي على كل نسمات الحياة.
ولكن لا مجال للهرب من هذه الضوضاء الإعلامية- الحربية- القاتلة المُتنقلة من تونس إلى مصر إلى ليبيا إلى اليمن إلبحرين، قبل أن تصل إلى سوريا و«تطل» اليوم على لبنان. هذه الضوضاء ليس مكونة من موجات صوتية يمكن للبناني أو لأي عربي أن يسد أذناه فيغيب عنها. لا هذه الضوضاء هي فوضى ملموسة تسعى للاحتكاك بالشعوب العربية والإلتصاق بها والولوج إلى داخلها والعمل في خلاياها.
إنه كابوس مرعب. حذار ساعة اليقظة. سيرى اللبنانيون مثلما سيرى السوريون والعرب حقلاً من الدمار الفكري والاجتماعي والحضاري. إنها عودة إلى ما وراء الوراء.
بانتظار ساعة اليقظة عودوا إلى متابعة الأخبار.