- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فانتازيا «ناجي عطا الله»

زاوية حادّة

حسام كنفاني
مع اطلالة شهر رمضان من كل عام تتدفق المسلسلات على أنواعها، وهذا العام قرر عادل امام العودة الى الشاشة الصغيرة بعد غياب طويل، فحضر في مسلسل «فرقة ناجي عطا الله» ليتبين ان بقاءه غائباً كان افضل بكثير لهذا الممثل وتاريخه.
اسم عادل امام، رغم تراجع مستوى الأفلام التي قدمها في الفترة الاخيرة، كان كفيلاً بدفع المرء الى متابعة العمل. تمر الحلقة الأولى والثانية والثالثة قبل ان يبدأ المشاهد اكتشاف الضحالة الحوارية وضعف الحبكة الروائية في المسلسل، اضافة الى السقطات التاريخية التي لا يفترض ان تمر على اي مؤلف هاوي، فكيف الحال بكاتب له باع طويل في الاعمال الروائية على غرار يوسف معاطي، إضافة إلى الهفوات الإخراجية التي ارتكبها نجل إمام، رامي إمام، الذي «بشرنا» عادل إمام بأنه يقدم لنا «مخرجاً عالمياً» عندما عهد إليه إخراج فيلم «أمير الظلام».
قد لا يختلف سياق المسلسل عن غالبية ما قدمه عادل إمام في السنوات الأخيرة، فهو البطل صاحب الحجة الذي لا يُقهر، لكنه في «ناجي عطا الله» بدا «خارقاً» حتى لمتابعيه المصريين، فهو استطاع الدخول والخروج من إسرائيل وسرقة مصرفها بخطة، أقل ما يقال عنها إنها سخيفة ولا تمت إلى الواقع بصلة، حتى أن الكثير من المصريين تهكموا على المسلسل بعد أحداث سيناء بالإشارة إلى أن «ناجي عطا الله انضم إلى اجتماع الرئيس محمد مرسي والمشير طنطاوي لبحث كيفية الرد».
وبغض النظر عن كل ما سبق في ما خص الحبكة الروائية، لا بد من التوقف امام بعض المشاهد الحوارية السياسية التي تعاطت مع الأزمات وشرّحتها بطريقة سطحية، تشبه الى حد بعيد مواقف إمام السياسية التي كان ينظّر لها إبان النظام المصري السابق. والواضح ان المؤلف يوسف معاطي تماهى مع “الزعيم” في نظرياته السياسية التبسيطية غير الواقعية.
النظريات تبدأ من الحديث عن التطبيع مع إسرائيل، الذي يراه “ناجي عطالله” عادياً طالما مصر أدت قسطها الى العلى بعد حرب تشرين الاول/ اكتوبر، وكأن الصراع العربي الاسرائيلي انتهى بعد تلك المعركة، التي خرجت مصر بعدها من دائرة الصراع. ينتقل بعدها الى غزة لشرح الخلاف بين “حماس” و”فتح”. شرح يسعى فيه امام الى الابتعاد ان الموقف، لكنه يضعه في اطار صراع بحت على السلطة، غير مرتبط بعوامل دولية وإقليمية كان لمصر حسني مبارك دور كبير فيها. الطامة الكبرى في “التنظيرات الإمامية” كانت في الحديث الذي دار مع مسؤولين في حزب الله ومعاتبته الحزب على الموقف من مصر. ورغم ان العتاب لا يختلف عن السياق التبريري للحياد المصري إبان حكم الرئيس المخلوع، يتناسى امام ان مصر ليست حسني مبارك ولا سياساته، وان ثورة ٢٥ يناير قامت ضد كل ما يمثله مبارك من سياسات، ومن ضمنها علاقته مع إسرائيل.
هذه المعطيات الحوارية مجتمعة يمكن إضافة اليها عدد من السقطات التاريخية على غرار سماع خبر اغتيال وزير السياحة الاسرائيلي رحب عام زئيفي، ونسج حوار حول الحدث. فالمسلسل الذي يدور في العام ٢٠٠٩، لا يمكن ان يقفز ٨ سنوات الى الوراء للحديث عن اغتيال تم في العام ٢٠٠١، وجعله موضوعاً حدثياً. الامر الآخر كان في التصوير داخل غزة، الذي من الواضح انه تم في جبال لبنان، حيث تظهر في احد المشاهد أرزة حزب الكتائب اللبناني على احد الجدران الذي لا يمكن ان يكون في غزة. كما لا يمكن ان تكون في غزة طبيعة جبلية، ناهيك عن تصوير الاختلاط بين الفتيان والفتيات وكأنه شيء عادي في ظل الحكم الاسلامي للقطاع.
كل هذه الامور وغيرها كثير تجعل من “ناجي عطاالله” فانتازيا مستفزة لا تستحق المتابعة.