- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

موسم الفلتان في لبنان

نجاة شرف الدين

تتنافس الأخبار الأمنية في لبنان منذ فترة ليست بالقصيرة في وسائل الاعلام  ، وتتوزع بين الإختطاف والقتل والإشكالات وإقفال الطرق وصولا الى المعارك العسكرية والتي تستخدم خلالها مختلف أنواع الاسلحة ويسقط الضحايا والجرحى بالعشرات لتعود بعدها الحياة الى شبه الطبيعية بانتظار الجولة الجديدة من المعارك .

هاجس التوترات الأمنية التي يعيشها اللبنانيون ، والتي تصاعدت وتيرتها في المرحلة الأخيرة نتيجة لاعتبارات عديدة أبرزها الاحداث في سوريا ، توزعت على غير منطقة ، وظهرت مؤشرات خطرة تدل على ، ليس فقط غياب الدولة ، وإنما سيادة شريعة الغاب ، سيما في عمليات الخطف التي حصلت من قبل عائلة المقداد والتي حاولوا تبريرها باختطاف أحد أبناء العائلة في سوريا .
مع بداية الاحداث في سوريا منذ سنة وثمانية أشهر ، يعيش لبنان على إيقاع التطورات ، ورفعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي شعار النأي بالنفس ، في محاولة منها لتجنيب لبنان  تداعيات ما يحصل في سوريا  ، إلا ان هذه المحاولة لم تستطع ان تمنع الاهتزازات الأمنية ومحاولة جر لبنان ليكون ورقة في الصراع الدائر في سوريا ، وجرت محاولات عديدة شمالا وبقاعا ، عبر الاتهامات بتهريب الاسلحة ، وإيواء الجيش السوري الحر ، وعمليات قصف طالت مناطق لبنانية وقتلت لبنانيين على الحدود السورية اللبنانية .

فبعد الجدل الذي عاشه الاعلام اللبناني نتيجة تغطيته لقضية الخطف من آل المقداد وما رافقه من عمليات النقل  المباشر على الهواء والتي تزامنت مع نقل معلومات خاطئة حول المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر في أعزاز وعدم التدقيق في المعلومات قبل إعلانها وكأنها حقيقة مؤكدة ، إندلعت مجددا الجبهة الشمالية في طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن ، وبدأت التحاليل عن توقيت فتح المعركة وربطها بمعركة حلب السورية ، ومحاولة إبعاد الإهتمام الدولي عما يجري في سوريا ، إضافة الى ربطها بعملية القبض على الوزير السابق ميشال سماحة المتهم بنقل المتفجرات الى لبنان ، والتي كان الهدف منها عمليات إغتيال وقتل لشخصيات سياسية ودينية من أجل زعزعة الاستقرار ، وهو أيضاً ما قيل عن الإستعراض للجناح العسكري المقدادي ، الذي حاول التغطية على الضجة التي يمكن ان يحدثها نبأ توقيف سماحة .

المشهد الشمالي تكمن خطورته في أنه كل مرة تبدأ المعارك وتنتهي مع سقوط العديد من الضحايا والجرحى ، دون معرفة كيف بدأت ولماذا توقفت ، ويتحول محور التبانة جبل محسن الى صندوق بريد لإيصال رسائل ، لمن يهمه الأمر ، عربيا ودوليا ، ولمن يود الرد على هذه الرسائل أيضاً .هي جولة أخرى تضاف الى الجولات العديدة التي سبقتها من المعارك ، وفي كل جولة تضاف وسائل جديدة منها نوعية الأسلحة المستخدمة كما لأساليب جديدة أيضاً ، ومنها حرق المنازل والمحلات التجارية على خلفية طائفية ،  من دون تغيير في قواعد اللعبة الأساسية ، أي من دون دخول باب التبانة الى جبل محسن أو العكس .

أجواء الحروب الصغيرة التي يعيشها البلد تدل على حالة ومستوى الفلتان الذي يعيشه اللبنانيون نتيجة التجاذبات الداخلية على خلفيات وقضايا خارجية وأبرزها الإنقسام حول سوريا ، ويبدو ان موسم الفلتان هذا  مفتوح على مفاجآت عديدة ويومية ، ولكن يبقى السؤال هل سيأتي اليوم والقرار الذي يجعل  قواعد اللعبة تتغير ؟