- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مستبدون يغيرون جلودهم… وليبراليون يهرولون

هائل سلام
ظل نظام علي صالح،طوال زمن تحكمه،المديد،يلعب على التناقضات والشروخ الاجتماعية.مستغلا كل امكانيات السلطة لتوسيعها، من اجل تكريس بقاءه في الحكم.مسخرا كل تلك الامكانيات،للحيلولةدون حدوث الاندماج الوطني،الذي هو شرط بناء دولة المواطنة(=دولة المصلحة العامة).

عقب اندلاع الثورة السلمية’ونتيجة لسوء ممارسات بعض قوى الثورة من جهة ‘وضغوط رعاة المبادرة،لفرض التسوية، من جهةاخرى. لجأ المستبدون،المثور عليهم،الى التركيز
على التناقض،الذي بدأ بالبروز، بين قوى الثورة ذاتها’من ليبراليين وحداثيين من جهة. وبعض اعضاء تجمع الاصلاح،وقوى محسوبة عليه، من جهة اخرى.والدفع الى توسيع هذا التناقض، اكثر فأكثر.مستخدمين،في ذلك، كل الوسائل المتاحة’نتيجة ماراكموه من ثروات الشعب طوال عقود.فجندوا ‘في سبيل هذا الغرض، وسائل اعلام ،مخبرين،كتبة،نشطاء …..الخ.
وبغرض زيادة هذا الشرخ’عمد هولاء المستبدون(المثور عليهم) الى التدثر برداء زائف من الليبرالية المدعاة’ مسخرين كل الامكانيات التي بايديهم لاستقطاب الثوار الليبراليين والحداثيين واليساريين والقوميين الناقمين ‘اساسا’على الاصلاح’الذي لم تبخل’بعض قواه وعناصره ‘في الدفع بهذا التناقض معهم الى منتهاه.نتيجة ممارسات وسياسات ومواقف غير محسوبة’اذا ماحملت على محمل حسن النية.واستطاع’ هولاء،فعلا،النفاذ الى جذر هذا التناقض واستغلاله ابشع استغلال.فبتوفيرهم عدد من الوسائل الاعلامية، كمنابر للثوار الناقمين’تحت شعار الليبرالية’ليتمكنوا بواسطتها من قول مالم يتمكنوا من قوله عبر وسائل اعلام الثورة’او التي قدمت نفسها على انها كذلك.استطاعوا استقطاب الكثير من الثوار الساخطين.

على ان عملية اللبرلة’المدعاة’ هذه’ ليست سوى مظهر من مظاهر تكيف المستبدين’ مع اوضاع الثورة، بغية المحافظة على بقائهم،لاقصى فترة ممكنة. من خلال تمويه لعبة التحكم لديهم،بتغليفها بغلالة رقيقة،من قشور الليبراليةالزائفة.التي تتجلى اكثر في وسائل الاعلام،المشار اليها. اذ وظفت لمحاصرة الوعي،وادارةالادراك العام،للتأثير عليه واستمالته. لكي يتمكن هولاء المستبدون”مرة اخرى’من السيطرة على الميول والاتجاهات’ والعقول. بواسطة مظاهر واقنعة الحرية الزائفةهذه.
هذا في حين ان هولاءالمستبدون لازالوا ممسكين بوسائل القوة والضبط والقمع’ التقليدية،وان بشكل مستتر’متخفي ومتواري. بمعنى انهم ‘نتيجة لضغط الثورة’يحاولون اخفاء اساليب القمع والبطش والتنكيل القديمة’والتسلح بوسائل التحكم والضبط والتلاعب والسيطرة والإخضاع،الناعمة،والاكثر حداثة،وبالتالي الاكثر فتكا بالعقول والميول والاتجاهات.وهكذا يندفع الكثير من الحداثيين والليبراليين…الى وسائل اعلام المستبدين القدامى، بدافع التفريج عن غضب جامح،ومرتد تجاه قوى تقليدية واصولية تدعي الانتماء للثورة.ولكن دون ان يعي هولاء،انهم باندفاعهم هذا ،انما يقعون فرائس سهلة في شراك المستبدين وافخاخهم.اي انهم ‘بتهافتهم ‘على هذه الوسائل’انما يأكلون الطعم الذي يضعه لهم هولاء المستبدين في الشراك والافخاخ التيي ينصبونها لهم،لاستدراجهم الى وهم الليبرالية،واعادتهم،بالتالي،الى (بيت الاستبداد).و (الفرصة) التي يتشاطر،هولاء، في اقتناصها ليست سوى الفتات الذي يلقى به في تلك الشراك والافخاخ، لاصطيادهم،من اجل التطويع والسيطرة والاخضاع. والذي لايبدو الافتتان به ‘والتهافت عليه’ واليه’الا كنوع من (العبودية المختارة).والمؤسف’حقا’هو ان تأتي هذه العبودية المختارة’ في سياق ثورة شبابية، شعبية ،سلمية عارمة.تتوخى ايقاظ الشعب اليمني من سبات القرون. واقالته من وهدة الركون الى الطغيان.ويتضاعف هذا الاسف اكثر فاكثر بالنظر الى ان هولاء المستبدون’هم انفسهم الركائز التي اقام عليها علي صالح طغيانه المديد.وان وسائلهم الاعلامية،التي تغري وتسيل اللعاب، تلك،انما هي ممولة من الاموال المنهوبة، من قوت الشعب.وهي الاموال التي يفترض ان تكون استعادتها،ضمن اهداف الثورة اساسا.هذه المواقف تشكك في ثورية هولاء.ذلك ان الثائر ،حقا،لايخون ذاته وشعبه. وعليه ان يناضل،من موقعه،في الثورة ذاتها، ضد كل قوى البغي،والهيمنة والطغيان،اينما وجدت.اي حتى ولو تدثرت بشعارات الثورة ذاتها.اما النكوص،بالعودة الى حضن الطغيان الاصيل،فليس سوى مرض واستلاب.