- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مأساة استغلال اللاجئات السوريّات

خاص ــ برس نت

عندما كان أسامة (سعودي الجنسية) يريد اختيار زوجة جديدة له، لم يكن يختار أي من بنات بلاده، أو الدول الخليجية المجاورة، بل كان يولي وجهه سوريا. أما السبب فكان يختصره بالقول كلفة الزواج أرخص من أي بلد عربي آخر، وخصوصاً عندما تكون الزوجة تنتمي إلى عائلة فقيرة، تبحث عن تزويج ابنتها للتخلص من أعباء  نفقتها.
أما بعد اندلاع الأحداث السورية، لم يعد أسامة وغيره الكثير من أبناء الخليج قادرين على التوجه إلى سوريا، لكن ذلك لم يحل دون استمرار ظاهرة استغلال النساء السوريات بعدما تحولت مخيمات اللاجئين، التي تضم سوريين فروا من بلادهم في محاولة للبقاء على قيد الحياة، إلى مسرح لتزويج السوريات من خليجيين وعرب آخرين تحت ذريعة مساعدتهن و«سترهن».
هذه الظاهرة دفعت مجموعة من النشطاء السوريين إلى اطلاق حملة «لاجئات لا سبايا». الصرخة التي أطلقها القائمون على هذه الحملة تختصر الكثير من خفايا ما يجري في مخيمات اللاجئين وتحديداً في الأردن.
ويؤكد منظمو الحملة، الذين قرروا قبل ايام استبدال اسم الحملة من «لاجئات لا سبايا» إلى «السوريات في عيوننا»، أنه «لا يمكن السكوت عن النخاسة الجديدة المقنعة بعناوين فضفاضة، ليس أولها السترة وليس آخرها الزواج وفق الشريعة، في الوقت الذي يتعرض له المجتمع السوري لأعتى صنوف القتل والتشريد والحرمان فإن هذه الحلقة بعد تشرد السوريين تعتبر من الأصعب والأخطر».
ونبهت الحملة إلى أن الدعوات التي يتناقلها «بعض الخليجيين والعرب والغمز واللمز الذي يتبادلونه في مجالسهم واجتماعاتهم ومنتدياتهم وفضاء تواصلهم، يدلل على مراهقة ذكورية مريضة ومهووسة باللحم الذي يعتقدون أنه رخيص، دافعهم إلى ذلك غريزة جنسية بحتة وزواج مصلحي بحت قائم على الجنس والمنفعة الجنسية… وهذا يدفعنا للتساؤل لماذا لم يهب أهل النخوة من هؤلاء إلى ستر الصوماليات أو السودانيات من أهل دارفور؟».
ومن بين أبرز أهداف الحملة توعية بعض أهالي الفتيات على مخاطر هذا الزواج المغلف بعناوين دينية وشرعية و قيمية اجتماعية.
وعلى اثر هذه الصرخة، تعرضت الحملة لانتقادات كثيرة، لكن جميع المؤشرات تؤكد على وجود العديد من الحالات. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية «آيرين»، قال دومينيك هايدي الممثل المحلي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، إن الصندوق يدرك مشكلة تزويج القاصرات السوريات في الاردن.
أما الموقع الالكتروني «لإذاعة هولندا العالمية» فكان السباق في كشف العديد من التفاصيل حول هذه الظاهرة الجديدة. وآخر ما كشفه عن وجود مكاتب في ليبيا تتولى التوفيق بين طالبي الزواج الليبيين ولاجئات سوريات. وتعتبر هذه المكاتب نفسها «مسؤولة أمام الله» عن هذه الزيجات.
وفي التفاصيل، أن العملية تبدأ داخل أحد المكاتب العقارية من خلال التقدم بطلب خطي فيه اسم الشخص وعنوانه وسنه والمواصفات التي يبحث عنها في زوجة المستقبل، بشرط أن يدفع مبلغ 500 دينار ليبي (حوالي 300 يورو) لبدء المعاملة».
وتستكمل العملية من خلال التعامل مع شخص آخر من داخل المخيم الذي يقيم فيه اللاجئون السوريون. وتلعب زوجة هذا الشخص دور الخطابة وتقوم بالبحث عن الزوجة المناسبة وفقاً للمواصفات التي طلبها الشاب.
بدوره، تحدث موقع «اخبار 24» الأردني عن ارتفاع عدد الطلبات التي تقدم بها سعوديون للسفارة السعودية في الأردن للموافقة على طلبات الزواج ما بين سعوديين وسوريات مقيمات في الأردن، فيما أشارت صحيفة «الدستور» الأردنية إلى إن الزواج من القاصرات بمهر يبلغ 100 دينار (قرابة 130$)، أو 200 دينار (260$ )، لأن أهاليهن يريدون سترة بناتهم، ويقبلون بزيجات عاجلة.
وهو ما أكده الكاتب السعودي محمد العصيمي في مقالة بجريدة «اليوم» السعودية، بعدما أشار إلى توجه الخليجيين والاردنيين إلى مخيمات نزوح السوريات في الاردن للزواج منهن. أما في الجزائر التي نزحت إليها ألاف العائلات السورية، فإن الحال لم يكن مختلفاً كثيراً. واستغل عدد من الخطباء منابر المساجد للحديث عن وجوب الزواج من الفتيات السوريات حتى ولو كان الرجل متزوجاً على أساس أنه واجب وطني، لتصبح مأساة السوريين إلى فرصة للاستغلال من قبل الأثرياء العرب بذرائع مخجلة لا يمكن للانسان أن يقبلها