- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المنافسة على ” الله”

نجاة شرف الدين

أنهى الحزب الديمقراطي الأميركي مؤتمره الوطني الذي عقده في شارلوت في ولاية  كارولينا الشمالية  ، متجاوزا حالة الفوضى التي سادت مع بداية المؤتمر ، على خلفية إعادة كلمتي الله والقدس عاصمة لدولة إسرائيل الى برنامج الحزب بعد تدخل مباشر من الرئيس الاميركي باراك أوباما .
هذا المؤتمر الذي نقلته وسائل الاعلام الاميركية مباشرة على الهواء ، أحدث جدلا واسعا في الصحافة الاميركية ودارت نقاشات حول كيفية حصول هذا التغيير في البرنامج الديمقراطي وإنعكاسه على موقع أوباما إنتخابيا مقارنة مع ما يطرحه الحزب الجمهوري ومرشحه ميت رومني  خاصة بالنسبة لاستخدام الدين والله في المعركة الانتخابية في السادس من تشرين الثاني المقبل .
وعلى الرغم من الضجة الايجابية التي أحدثتها خطابات كل من ميشيل أوباما زوجة الرئيس الاميركي التي ركزت على الجانب العاطفي متوجهة الى زوجها بالقول ” حبيب عمري” وهو رد عليها ” أحبك .. أعتقد ان بلادنا رأت الآن كم أنا محظوظ ” ، وكلمة الرئيس  الاميركي الأسبق بيل كلينتون التي إستمرت خمسين دقيقة وأعلن خلالها دعمه لترشيح أوباما لفترة رئاسية ثانية في البيت الابيض ، وهو ما خفف ربما من حدة الضجة الاعلامية التي حاول الجمهوريون أن يثيرونها للهجوم على أوباما ، إلا ان الجدل لم يتوقف وخاصة إعلاميا .

ربما قضية القدس عاصمة لإسرائيل يمكن توقعها في هذه المرحلة التي تمر بها العلاقة بين أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ، نتيجة التوتر القائم على خلفية تهديدات إسرائيل بالقيام بضربة لإيران لوقف برنامجها النووي ، إضافة الى الكيمياء المفقودة بين الرجلين ومحاولة الديمقراطيين إسترضاء الإسرائيليين وعدم إستفزاز الأصوات اليهودية ،  وهو موقف تم الترحيب  به من منظمة إيباك اليهودية التي إعتبرت أنه يدعم العلاقات الأميركية الإسرائيلية .

أما موضوع كلمة الله فهي قصة أخرى توقف عندها العديد من التحاليل ، على إعتبار ان الرأي العام الاميركي ” مؤمن ” بشكل عام وهو وضع جملة ” in god we trust ” على عملته الاميركية ” الدولار” لتأكيد ان القدرة مستوحاة من الله ، ورغم ان اوباما تدخل شخصيا من خلال إتصاله بلجنة صياغة البرنامج وأبدى إستغرابه لحذفها وطلب إعادتها فورا وهو ما حصل ، إلا ان الاعلام الجمهوري إستغل الموقف للهجوم على أوباما والتشكيك بإيمانه وحتى ذهب البعض الى التشكيك بمسيحيته وبأن اسمه ” باراك حسين أوباما ” . وجاء الرد أيضاً من رومني نفسه الذي تحدث في برنامج ديني تبشيري إنجيلي في محاولة المزايدة في موضوع الدين ، وكأن الجمهوريون لديهم حق حصرية الله  ، وهم المسيحيون الافضل ليضعوا الديمقراطيين في موقع الدفاع لان جمهورهم أكثر تنوعا وتعددا بمن فيهم غير المؤمنين والعلمانيين . وقد حاول الاعلام الديمقراطي الرد عبر القول إن رومني لم يستطع التغيير في برنامجه في مؤتمره الاخير الذي رشحه ، خاصة في موضوع الإجهاض الذي كرس رفضه له حتى في حالات الاغتصاب والخطر على الحياة ، وهو ما يرفضه رومني ، إلا انه لم يغيره من برنامج الحزب في المؤتمر.

هذا الجدل الإلهي الدائر في عاصمة القرار الاميركية،  لم يمنع أوباما من التقدم ليصبح الفارق مع رومني 49 الى 44 في استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجريت بعد المؤتمر مباشرة ، إلا أن السؤال يبقى هل من تنازلات أخرى سيجبر أوباما على تقديمها خلال مرحلة الشهرين الفاصلة أم سيكتفي بالقدس والدعاء الى الله ؟