- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“أكل الثورة حُجّة… حُجّة”!

زكريا الكمالي
لا يفكر الكتاب والصحافيون بأن مستقبلهم سيكون أسوأ مع الرئيس القادم لليمن، وسيعيشون زمن قحط، لأن من سيرأس اليمن لن يوّفر لهم المادة التي يوفرها لهم حاليا الرئيس صالح، ومع ذلك يضحّون، ويواصلون الكتابة عن رجل لم تعد الكتابة عنه، في الوقت الحالي، بطولة، كما يقولون، لكنه يجبرهم على ذلك.
مثلا، أين سنجد رئيسا ظريفا، يحكم أفقر دولة في العالم، وفيها من المشاكل ما يكفي الكرة الأرضية بأكملها، ويقول إنه “محسود” من الداخل والخارج؟!
من سيأتي لنا برئيس، بروفيسور في الزعامة، ويُعلّم معارضيه “كيف يصبحون زعماء في 5 أيام”؟
سنعاني، ولن نجد بضربة حظ رئيسا يُشفق على نائبه مثلما يفعل صالح مع هادي، الذي لا يهتم بإزالة المعوقات التي تعترض عمله السياسي فحسب، بل يحزن على قطع الكهرباء عن منزله!
أنا خائف جدا من أيام قادمة، نصل فيها إلى القول “كان معانا رئيس لقطة”! لا يُقارن إلا بالقذافي، وليس لهما مثيل. مجنون ليبيا، ختم مشواره السياسي بـ”زنقة زنقة”، ورئيسنا النجم، قلّده بـ”حُجة حُجة”. لو كانت يده في أتم عافيتها، ربما كان يخبط الطاولة، أو رأس نائب الرئيس، ويهتف “حُجة حُجة، إلى السبعين، إلى السبعين، إلى السبعين”!
إستراتيجية “الحجة بالحجة”، لن يفكر بها أي قائد عادي. صناعة خالصة لـ”صالح”، وهي بالمناسبة، الجيل الثالث والمتطور من استراتيجيات “سنّبوا لهم”، و”التحدي بالتحدي”. ربما ان الأخيرة شديدة الحساسية “تلقط” أي عمل ثوري “عن بُعد”، مثل الهواتف الحديثة المزودة بـ”وايرلس”!
“الحجة بالحجة”، مزيج من الأنظمة الدفاعية الأميركية والروسية، “مفاعل حُججي”، وليست كما فهمناها بأن “حجة (امرأة)، من أنصار النظام، ترجم “حجة”، بالأحجار إذا كانت في مسيرات نسائية ثورية، لأنه اذا كانت كذلك، فمن أين سيأتي النظام بـ”حجة” تفوز بنوبل، كما فازت الحجة توكل كرمان.
الحجة بالحجة، شبيهة بأحدث تكتيكات المدربين العالميين لكرة القدم. خطة دفاعية بحتة، تعتمد على محاصرة لاعبي الفريق الخصم، وكتم الأنفاس عنهم.
الجيل الجديد من “التحدي بالتحدي” لا يقف عند وسائل الدفاع التقليدية، من ساحات مضادة، وجُمع، وإعلام مضاد، ولكن كما قال الكابتن صالح، يتجاوز المدن الى “القرية، المديرية، الناحية، العزلة”. الرجل يناور من الأطراف عبر هجمات مرتدة.
الحجة بالحجة، معناها: “إذا شاهدتم أحدا من أتباع الثورة يطلع باصاً اطلعوا باصاً مثله”. “إذا خزّن بقات عود، خزنوا بعود”.
الحجة بالحجة تعنى أن يتحدث “ياسر اليماني” من استوديوهات نقل مباشرة في “جدة والرياض والدوحة”، مثلما يتحدث “حسن زيد” و”علي الصراري” من استوديوهات حية في القاهرة وجدة.
الحجة بالحجة يعني أن تشكل الثورة “مجلساً وطنياً وعسكرياً”، فيشكل النظام مجلساً وطنياً وعسكرياً.
بإستراتيجية “الحجة بالحجة”، أثبت الرئيس لنا أنه “حجاج”، رغم أن أفعاله الإجرامية كانت تدل على أنه كذلك، منذ أول أيام الثورة وسقوط الشهداء.
بعد فوز الناشطة توكل كرمان بجائزة نوبل العالمية، جن جنون الرجل وانفتحت شهيته للقتل والتهام الثورة والنساء. الرئيس يريد “أكل الثورة حُجة حُجة”، لكنه سيختنق بالتأكيد، فالثورات نيئة ولا تؤكل.
هذا العام، لا يبدو أن السعودية ستستقبل بعد أسابيع حُجاج يمنيين لبيت الله الحرام، فالعالم الجليل حمود عباد، “مشغول للأذن بتفويج الحُجج” الى ميدان السبعين، لأداء فريضة “الحجة بالحجة”. الركن الأول من أركان الشرعية الدستورية!
(2)
“الاعتداء على النساء جريمة أخلاقية”.. هكذا يخاطب الناس النظام، الذي نفذ بلاطجته للمرة الثانية عقوبة الرجم بالأحجار على تظاهرة نسائية في تعز.
نعم هو سقوط أخلاقي، ولكن من تخاطبون؟ هل تبقى لديهم أخلاق حتى نشاهد وجوههم وقد أحمرّت من الخجل جراء عمل مشين اقترفوه.
النظام يا سادة لم يترك عملا غير أخلاقي إلا وارتكبه. لم يترك جريمة إلا واقترفها. كل العيوب السوداء والصفراء وفوق الحمراء اخترقها. كل الجرائم اللاإنسانية تم استخدامها ضد هذا الشعب ونسائه وأطفاله.
الـ400 ألف “مقرمة”، التي تنوي نساء تعز جمعها لن تجعل النظام يخجل، أو يعتذر. هي هدر للوقت (والقماش).
الأحرى بنا أن نوثّق تلك الجرائم الجبانة بحق المتظاهرات والمتظاهرين في عموم الساحات اليمنية، ونقدمها كدليل لمحاكمته “جريمة جريمة”، كرد عملي على “حجة حجة”.