- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الربيع العربي خريف لأوباما

واشنطن – نجاة شرف الدين

في ظل الحملات الانتخابية الرئاسية التي تعيشها الولايات المتحدة الاميركية هذه الايام بين المرشحين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري ميت رومني، وفي الوقت الذي تحتل فيه النقاشات التلفزيونية حول مواقف المرشحين مساحات واسعة من الاعلام، دخل فجأة عنصر خارجي تحول لمادة صراع سياسي داخلي، لا بل تحول الى اتهامات بين الحزبين سيكون لها بالضرورة تداعيات على المعركة الانتخابية.
شكل ظهور فيلم «براءة المسلمين»، الذي أحدث هزة في العالمين العربي والإسلامي، لا بل في العالم كله، صدمة للأميركيين، وتحول اهتمام الإعلام من الحملات الانتخابية، وليس بعيداً عنها، الى قراءة ما يحصل نتيجة الاحتجاجات والتظاهرات التي عمت الدول العربية، ولا سيما دول «الربيع العربي»، ومنها بالطبع ليبيا حيث قتل السفير الاميركي كريستوفر ستيفنز،  وثلاثة موظفين في قنصلية بنغازي.
هذا المشهد أعاد الى أذهان الأميركيين فكرة الاعتداء على أميركا وذهب البعض الى تشبيهها بما حصل في 11 أيلول 2001، وبأن ما يحصل  يستعيد الأجواء التي رافقت طرح السؤال الأميركي «لماذا يكرهوننا» وصراع الحضارات. وتصاعدت التحاليل والنقاشات في الإعلام الأميركي لتتحول الى مادة ضمن الحملات الانتخابية، بعد ان أطلق رومني حملة على الرئيس أوباما، مستغلاً ردود الفعل على الفيلم المسيء للإسلام، ليتهم أوباما بالتعاطف مع الذين هاجموا سفارات أميركا في عدد من الدول، من خلال إفادة السفارة الأميركية  في مصر بإدانة الفيلم، في محاولة لجعل أوباما في موقع الدفاع .
كلام رومني أثار نقاشاً إعلامياً أيضاً حول جدوى هذا الموقف في هذه اللحظة التي تتعرض خلالها أميركا لهجوم خارجي، معتبرين أنه خروج عن التقليد الأميركي في هكذا أوضاع، فمن المعروف أن لا أحد يوجه الانتقاد للرئيس الأميركي في ظل الأزمات وعندما تتعرض أميركا لهجمة «خارجية» أو «إرهابية»، وبالرغم من الحملات الشرسة التي قادها الحزب الجمهوري على أوباما، إلا ان استطلاعات الرأي لا تزال تقدمه على منافسه رومني في موضوع السياسة الخارجية.
وعلى الرغم من الخطوات التي قامت بها إدارة أوباما مع الزعماء والمسؤولين في العالم العربي، إضافة الى الأوامر التي أصدرتها الإدارة بإخلاء جميع الأميركيين من البلدان التي شهدت تظاهرات أمام سفاراتها، ما عدا الحالات الطارئة، وإرسال فريق للتحقيق من وكالة الاستخبارات الاميركية والمارينز في مقتل السفير ستيفنز والموظفين الثلاثة،  وحتى التحقيق مع  نقولا باسيلي منتج فيلم «براءة المسلمين»، المتهم بعمليات تزوير واحتيال سابقة، بعد توقيفه في كاليفورنيا، لم يستطع أن يخفف من الحملات الجمهورية على أوباما وإدارته .
يبدو ان العاصفة التي انطلقت في دول «الربيع العربي» كما الدول الإسلامية كرد على الفيلم، لن تهدأ موجاتها الإرتدادية في المرحلة القريبة المقبلة، وهي في التوقيت، في ذروة الحملة الانتخابية الأميركية، ستشكل موضوعاً أساسياً في ترجيح كفة مرشح على الآخر، فهل سيستطيع أوباما أن يتجاوز هذه المرحلة «الى الأمام» كما رفع شعاره، أم سيتحول الحوار الذي بدأه مع قادة دول الربيع العربي الى خريف لمعركته الانتخابية؟